هناء محا ذاك العزاء المقدما – ابن نباتة المصري
هناء محا ذاك العزاء المقدما … فما عبس المحزون حتى تبسما
ثغور ابتسام في ثغور مدامع … شبيهان لا يمتاز ذو السبق منهما
نرد مجاري الدمع والبشر واضح … كوابل غيث في ضحى الشمس قد همى
سقى الغيث عنا تربة الملك الذي … عهدنا سجاياه أبرّ وأكرما
ودامت يد النعمى على الملك الذي … تدانت له الدنيا وعزّ به الحمى
مليكان هذا قد هوى لضريحه … برغمي وهذا للأسرة قد سما
ودوحة ملك شادويٍّ تكافأت … فغصن ذوى منها وآخر قد نما
فقدنا لأعناق البرية مالكاً … وشمنا لأنواع الجميل متمما
اذا الأفضل الملك اعتبرت مقامه … وجدت زمان الملك قد عاد مثلما
أعاد معاني البيت حتى حسبته … بوزن الثنا والحمد بيتاً منظما
وناداه ملك قد تقادم ارثه … فقام كما ترضى العلى وتقدما
تقابل منه مقلة الدهر سؤددا … صميماً وتنضو الرأي عضباً مصمما
ويقسم فينا كل سهم من الندى … ويبعث للأعداء في الروع أسهما
كأنّ ديار الملك غاب اذا انقضى … به ظيغمٌ أنشابه الدهر ضيغما
كأنّ عماد البيت غير مقوّضٍ … وقد قمت يا أزكى الأنام وأحزما
نهضت فما قلنا سيادة معشر … تداعت ولا بنيان قومٍ تهدّما
أما والذي أعطاك ما أنت أهله … لقد شاد من علياك ركناً معظما
وقد أنشر الاسلام بالخلف الذي … تمكّن في عليائه وتحكما
فإن يك من أيوب نجمٌ قد انقضى … فقد أطلعت أوصافك الغرّ أنجما
وإن تك أوقات المؤيد قد خلت … فقد جددت علياك وقتاً وموسماً
عليه سلام الله ما ذرّ شارق … ورحمته ما شاء أن يترحما
هو الغيث ولى بالثناء مشيعاً … وأبقاك بحراً للمواهب منعما
لك الله ما أبهى وأبهرَ طلعة ً … وأفضل أخلاقاً وأشرف منتمى
بك انبسطت فيك التهاني وأنشأت … ربيع الهنا حتى نسينا المحرما
وباسمك في الدنيا استقرت محاسنٌ … وبأسٌ كما يمضي القضاء محتما
وفضلٌ به الألفاظ للعجز أخرست … وعزٌ به قلب الحسود تكلما
أعدتَ حياة المقترين وقد عفت … فأنت ابن أيوب والا ابن مريما
وجددتَ يا نجل الفضائل والعلى … من الدين علماً أو من الجود معلما
يراعك يوم السلم ينهل ديمة ُ … وسيفك يوم الحرب ينهل في الدّما
وذكر ندى كفيك يدني من الغنى … ولثم ثرى نعليك يروي من الظما
لك الملك إرثاً واكتساباً فقد غدا … كلا طرفيه في السيادة معلما
ومثلك إما للسرير منعماً … يثوب وإما للجواد مطهما
ولما عقدنا باسم علياك خنصراً … رأينا من التحقيق أن يتحتما
أيا ملكاً قد أنجد الناس عزمه … فأنجد مدح الناس فيه وأتهما
سبقت لك المدّاح قدماً وبادرت … يدا كلمي فاستلزمت منك ملزما
لياليَ أنشي في أبيك مدائحاً … وفيك فأروي مسند الفضل عنكما
وأغدو بأنواع الجميل مطوقاً … فأسجع في أوصافه مترنما
واستوضح العلياء فيك فراسة … بملكك لا أعطي عليها منجما
فعش للورى واسلم سعيداً مهنئاً … فحظّ الورى في أن تعيش وتسلما
وسر في أمان الله قدماً بفضله … أسرَ الورى مسرى ً وأيمن مقدما
أعدت زمان البشر والجود والثنا … الى أن ملأت العين والأنف والفما