همومٌ نوى البرءُ منها ارتحالا – حيدر بن سليمان الحلي
همومٌ نوى البرءُ منها ارتحالا … فلا تبعث الداء إلا عضالا
وطفلُ الأسى لم يجدْ من رضاع … حشا حالب الفضل يوماً فصالا
عفاءً على الدهر من ناقصٍ … على الكاملين تجنّى خبالا
أجال عليهم خيول الخطوب … ولو مثلّت لاستقالوا قبالا
ولو عرف الدهرُ قدر الكرام … لكفَّ غداتئذٍ ما أجالا
غزاني بملمومة النائبات … وعاد بإنسان عيني نفالا
فروَّع سمعي بصوت النعيّ … ورنَّق من صفو وردي سجالا
فبتُّ وفي مقلتي عائرٌ … حمى جفنها بالكرى الاكتحالا
وقائلة ليس سمعي لها … وبعضُ المقال أراه محالا
أجدّك من عاتبٍ ما تزال … تذمُّ من الدهر هذي الخصالا
أقلْ عثرة َ الدهر أو لا تقل … فليس يبالي بأن لا يقالا
أتجزع للبين مستثقلاً … وأنت حجى ً تستخف الجبالا؟
تماسكْ ولا تبذل أدمعاً … حماها وقارُك عن أن تذالا
فقلت وعيني أسى ً تستهلُّ … كمحتفل الودق مرخي العزالا
أآمنة السرب كّفى الملامَ … ضلالاً لرأيكِ منّي ضلالا
فما نفحة ٌ من رياض الصبا … لها أرجٌ للقلوب استمالا
بأطيب من تربة ٍ ضمّنتْ … على رغم أنفى منِّي هلالا
نشدتكَ يا دهرُ ألاّ أعرتَ … مسامعك اليوم مني مقالا
أعن سفهٍ منك للأكرمين … تركَّبُ غدركَ حالاً فحالا
وتزجى الخطوب ثقالاً لكي … لهم تستخفُ حلوماً ثقالا
وأنّى يزاول نملُ القرى … جبالَ شرورى فتخشى زيالا؟
وتعجم يا دهرُ في ما ضغيك … من عود علياهم ما استطالا
وهل زبرة ٌ عضها أدردٌ … فآثر أو نال منها منالا
تعلّم لك السوء من ناقصِ … عدا طوره وتمنّى محالا
بأنّ الأماجد صبرٌ ولو … بدهتهم بالخطوب اغتيالا