هل تقبلون إنابة َ الدهرِ – مهيار الديلمي

هل تقبلون إنابة َ الدهرِ … أم تنصتون له إلى عذرِ

أم تعرفون لقربِ رجعتهِ … ما كان همَّ به من الغدر

فلقد أتاكم يستظلُّ بكم … من حرَّ سخطكمُ ويستذري

متنصلا من هفوة ٍ يدهُ … كادت تشلُّ بها وما يدري

خزيانَ يقسمُ لا سعيَ أبدا … للمجد في وهنٍ ولا عقرِ

وسمُ الندامة ِ فوق جبهته … و يداه بالإقرارِ في أسرِ

يلقى الجراحة َ بالدواملِ من … إقلاعهِ والكسرَ بالجبرِ

فاستعملوا البقيا التي فطرتْ … فيها حلومكمُ من الصخرِ

و استعبدوه بعفوكم فلكم … بالجود من عبدٍ لكم حرَّ

و أنا الزعيمُ لكم بعهدتهِ … و وفائهِ وشفيعهُ شعري

قد كان غمرا لم يجد خورا … و أظافرا خدشت ولم تفرِ

و نوافذاً حرشت فما لفيت … حرجاً ولا مقبضَ الصدرِ

أذنٌ تمجُّ الهجرَ تسمعه … و لسانُ صدقٍ حاضرُ النصرِ

طرفٌ أشمُّ من الرجال أبى َ … في الضيم أن يعزى إلى صبرِ

و مودة ٌ كملتْ فعورها … نبذٌ من الإعراض والهجرِ

عتبٌ تخلص في تراجمه … من عثرة الفحشاءِ والهجرِ

لم يحترش ضغناً ولا حنيتْ … عوجُ الضلوع له على غمرِ

مدَّ الوشاة ُ له رقابهمُ … يتطلعون عواقبَ المكرِ

يرمون بالأبصار رائدة ً … أني تصوبُ سحابة ُ الشرَّ

ظنوا اليدَ اليمنى إذا بطشتْ … قعدتْ بيسراها عن النصرِ

و النيران وإن هما اختلفا … فالشمسُ لا ترتابُ بالبدرِ

يا خاب سعيُ مرقشين مشوا … بالغشّ بين الماء والخمرِ

و مسولين نفوسهم حسدا … أن القطارَ تظنُّ كالبحرِ

خبطوا من التمويه في ظلمٍ … أسفرن عن مستبهمٍ وعرِ

لا يستقرُّ به الدليلُ على … قصًّ ولا يحنو على السفرِ

قد عانقوا فيه رحالهمُ … من قائفٍ أثراً ومستقري

يغلي الهجيرُ بهم إذا انغمسوا … في الآل غلى َ الماءِ في القدرِ

نجواهمُ فيه إذا اشتوروا … يا ليتَ لم نركبكَ من ظهرِ

قد طأمنتْ فقعوا لها وضعوا ال … جبهات موجة َ ذلك العبرِ

و أفاقت الأيام واعترفت … بمكانِ جهلتها على السكرِ

فتساندوا أسفا إلى صدفٍ … هاوٍ على ممطولة ِ القعرِ

ملساءَ لا تجد الأكفُّ بها … علقاً بأنملة ٍ ولا ظفرِ

عضوا الحصا إن لان من كمدٍ … لضروسكم وأمشوا على الجمرِ

الله أحسنُ للعلا نظرا … و أبرّ بالمعروفِ والبرَّ

و أشدُّ ضنا بالمحاسن أن … يقوينَ من عينٍ ومن أثرِ

أو أن تعطلَ بالذي زعموا … سننُ الهدى ومواسمُ الشكرِ

و الملكُ يعلم أيَّ سيفِ وغى ً … يمضي وسهمِ رمية يبري

و ترى الرجالَ وفوتَ بينهمُ … مثلَ البهامِ تقاسُ بالغرَّ

فيعدُّ للجلى أتمهمُ … باعا وأحفظهم قوى أسرِ

و أخفهم في صدر موكبه … سرجا وأثقلهم على الصدرِ

و رأوا ظلامَ الأمر منذُ خبا … عنهم سراجُ النهى والأمرِ

قبضوا الذراعَ الرحبَ واعتفدوا … أنّ السماء تقاسُ بالفترِ

و استصغروا عفوَ اللبيب فما اس … تغنوا بجهل الغافل الغمرِ

حتى إذا أبت حلومهمُ … فراً طليعة َ رأيهم تسري

عادوا وقد خفَّ البغاثُ بهم … يستطعمون مخالبَ النسرِ

فأقلْ عثارهمُ فإنهمُ … رجعوا إليك رجوعَ مضطرَّ

و احملْ كما عودتَ ثقلهمُ … و انهض لهم بالنفع والضرَّ

و اعدْ مناكبهم كما ألفتْ … بك من ثياب العزّ والفخرِ

و تملَّ ما ألبستَ من نعمٍ … تكسو الومانَ بها ولا تعرى

هذي ثمارُ الحلم مجلبة ٌ … فتهنها ونتيجة الصبرِ

و عواقب الحسنى وواحدة ال … حسنات عند الله بالعشرِ

قد كايلوك بقدر وسعهمُ … من رفع منزلة ٍٍ ومن قدرِ

فاقنع ولا تحجلْ مكارمهم … بظلالِ عالٍ مالهُ يجري

و متى ترمْ ما تستحقُّ فقد … كلفتمُ ما ليس في الدهرِ

شمختْ بأنفكَ عزة ٌ قعستْ … أن تستقادَ بمخطمِ القسرِ

صماءُ من عبد الرحيم لها … عرقٌ يمدُّ إلى منو جهرِ

درجَ القرونُ وبيتُ مفخرها … عالي العمادِ مخلدُ الذكرِ

طابت أحاديثُ الملوكِ ولا … كالعرفِ من آبائك الغرَّ

الناضلين بكل صائبة ٍ … في الرأي ضافية ٍ على النفرِ

سيارة ٍ في الأرض سنتها … بالعدل سيرَ الأنجم الزهرِ

و الباسطين لمنع جانبهم … بوعا تطولُ على القنا السمرِ

و إذا الكماة دعوا فصدهمُ … حينٌ يغالطُ عنه بالوقرِ

شدوا الفجاجَ إلى صريخهمُ … يتكاثرون تكاثرُ القطرِ

لهم الجفانُ البيضُ ضاحكة … تحت الليالي الكلحِ الغبرِ

يتنازعون على الحديث بها … يقوى مقلهمُ على المثرى

كرماء معترفون إن طرقتْ … أمُّ السنينَ بحادثٍ نكرِ

صبروا على البؤسي تعمهمُ … فكأنهم أثروا من الفقرِ

أنشرتهم بعد الثور كما … ولدوك بعد الطيَّ والنشرِ

بك أورقت للمجد دوحتهُ … و اهتزّ في أفنانه الخضرِ

و أضاء للأقوال مسلكها … فمضى النجاحُ بركبها يسري

حلفَ السماحُ عليك لاَ وصلَ ل … أسبابَ بين يديك بالوفرِ

و من العجائب أن تعطيك في … قبضٍ يدهى جدولٌ يجري

أنا ذلك المولى المقيمُ على … صدقِ الهوى وسلامة ِ الصدرِ

محفوظة ٌ عندي ودائعكم … في الودّ حفظَ نفائسِ الذخر

خليَّ الأقاربُ عنكمُ ويدي … معصومة ٌ بكمُ إلى الحشرِ

لا نبوة ُ الدنيا تغيرني … عنكم ولا متغيرُ الأمرِ

ناديكمُ ظليَّ ودولتكم … عزى وعمرُ سعودكم عمري

جاهرتُ فيكم بالعداوة ِ منْ … تخشى العداوة ُ منه في السرَّ

و لقيتُ قوما دونكم كرهوا … أيامكم بقواصم الظهرِ

كم قولة ٍ جرعتُ قائلها … غصصا بتكذيبٍ له مرَّ

و حملتُ أخرى خفتُ صاحبها … أطوى الجناحَ له على الكسرِ

حتى تسرى الخطبُ وانفرجتْ … كربُ الدجى بتبلج الفجرِ

فالان يا نفسي لها انفسحي … جذلا ويا عيني لها قرى

و انهض بجهدك يا لسانيَ في ال … بشرى لها وتصفَّ يا فكري

و ابعث ضوارعَ عنك نائبة ً … إن أخرتك عوائقُ الدهرِ

ولاجة ً تطأ الصدورَ بها … كلمٌ توسعُ ضيقَ العذرِ

نفاثة َ العقداتِِ تحسبها … هبطتْ إلى هاروتَ بالسحرِ

و كأنما نفضَ التجارُ بها … بين البيوت حقائبَ العطر

يشقى بها المتحرشون كما … تشقى َ يدُ المشتارِ بالدبرِ

فاستقبلوا غررا موحدة ً … سيقتْ لكم من واحدِ العصرِ

و تمسكوا منى بجوهرة ال … غواص واحموا معدن التبر

و اقضوا نذورَ الشعر في فقد … قضيتُ فيكم شاكرا نذري