هذا الوجودُ ومن به يتجمل – محيي الدين بن عربي

هذا الوجودُ ومن به يتجمل … إنَّ الحديثَ كما يقولُ الأولُ

دلَّ الدليلُ على حدوثِ واقعٍ … عن محدث هو بالدلالة أكمل

إذ كان والأشياء لم يك عينها … فحدوثُها فرق جليٌّ فيصل

عندَ الذي سبرَ الدليلَ بفكرهِ … لكنْ متى في مثلِ ذا لا يعقلُ

إنَّ الزمانَ منَ الحوادثِ عينهُ … ومتى محالٌ في الزمانِ فأجملوا

لوْ يعلمونَ كما علمتَ مكانهُ … ما كنت عنه بمثل هذا تسأل

لحدوثنا إذْ لمْ نكنْ وظهورنا … في عيننا وكذا المكان ففصلوا

لوْ أنَّ رسطاليسُ يسمعُ قولنا … ورجاله نظراً عليه عوَّلوا

أنصفت في التحقيق مذ بينت ما … دلُّوا عليه بالدليل وأصّلوا

والأشعريُّ يقولُ مثلَ مقالتي … وإنْ أنصفوا وكذا الرجالُ الأولُ

والله ما زلتْ بهم أقدامُهم … لكنْ لفهمِ السامعينَ تزلزلوا

قد فرَّقوا بين الوجوبِ لذاته … ولغيره فافهم لعلك تعقل

هذا هوَ الإمكانُ عندَ جميعهمْ … فعن الحقيقة عندنا لم يعدِلوا

لكنهم ما أنصفوا إذ نوظروا … في البحثِ بالسرِّ الذي لا يجهلُ

لو أنهم سبروا أدلة عقلهم … وتوغلوا في قولهم وتأمّلوا

رأوا اتساعَ الحقِّ منْ إنصافهمْ … وقبولهُ للقولِ فيهِ فأقبلوا

إخوان صدقٍ لا عداوة َ بينهم … فلهُ العلوُّ نزاهة ً والأسفلُ

الله أوسع أنْ يقيده لنا … عقدٌ فكلُّ عقيدة ٍ لا تبطلُ

لكنْ لها وجهٌ إليهِ محققٌ … يدري به الحبرُ اللبيبُ الأكمل

جاء المحققُ في التجلي بالذي … وقعَ النكيرُ بهِ وما هوَ أنزلُ

فلهُ التجلي في العقائدِ كلها … وأتى بذاكَ تبدُّلٌ وتحوُّلُ

لوْ لمْ يكنْ هذا تقيدٌ وانتفى … إطلاقه عنه لضاق المنزل

تدري الخلائقُ في الشعورِ نزولهُ … يومَ القيامة ِ وهوَ يومٌ أهولُ

عمت سعادته الخلائق كلهم … جاء الرسولُ به ونص المرسل

وسعَ المهيمنُ كلَّ شيءٍ رحمة ً … فاعلمْ فليسَ على المكانِ معولُ

إنَّ الإلهَ حكى لنا ما قالهُ … أهلُ العدالة ِ والصدورُ العدَّلُ

وهم الدعاة ُ لنا وقد نطقوا بما … جاء الكتابُ به إلينا المنزل

فينا منَ التجريحِ وهوَ حقيقة ٌ … من غيرة قامت بهم لا تجهل

لله قاموا غيرة لم يقصدوا … رداً عليهِ لمَّا رأوهُ فأولوا