هتف الداعي فلبى واعتزم – أحمد محرم
هتف الداعي فلبى واعتزم … ومضى يلقى العدى في المزدحم
بطل ما اضطرمت نار الوغى … وترامى هولها إلا اضطرم
هيجته نزوة من معتد … جاهلي النفس وحشي الشيم
كل نفس دونه فيما ادعى … كل حق باطل فيما زعم
مولع بالشر مفتون المنى … مستبد ما قضى إلا ظلم
راعه في الحرب من أبطالها … مستطير البأس ما شاء اقتحم
غاص من أهوالها في غمرة … عبست فيها المنايا فابتسم
يضرب الطغيان في مقتله … ويعيد الحق خفاق العلم
شرف الأوطان في ذمته … إن دعا الداعي وأعراض الأمم
علم الدولة لولاه انطوت … وعماد الملك لولاه انهدم
بورك الباني وعزت أمة … بقواه في العوادي تعتصم
ينظر الأسوار تهوي حوله … فيقيم السور من نار ودم
ليس للأمة إلا ما بنى … بين أنياب المنايا ودعم
ما لها إن لم يذد عن حوضها … من وجود يتقى أو يحترم
ما وجود الشعب مغلوبا على … أمره إلا شبيه بالعدم
خلق الإنسان من حرية … خالق النخوة فيه والشمم
وقضى الأمر له فيما ارتضى … من دساتير حسان ونظم
إنما الناس جميعا أخوة … ليس فيهم من عبيد أو خدم
هم سواء ولكل حقه … ذاك حكم الله لا حكم الصنم
ما على القادر من بأس إذا … ما جنى الباغي عليه فانتقم
إنها الحرب وعقباها فما … أحسن العقبى لمن يرعى الذمم
أطفأ الجندي في ميدانها … جذوة البغي ببأس مختدم
هب في إعصارها مستبسلا … فهو كالبركان يرمي بالحمم
لا يبالي حين يقضي أمره … نام عنه حتفه أم لم ينم
هو إن مات شهيدا خالد … في حياة من جلال وعظم
باذل النفس إذا ريع الحمى … كاشف الخطب إذا الخطب ادلهم
مشهد لو غاب عنا علمه … غاب معنى الجود عنا والكرم
إنها الحرب وهذا حكمها … ليس للحق سواها من حرم
أعظم الآثام في شرعتها … وطن يغزى وشعب يلتهم
يلتوي الأمر فما من رحمة … لذوي الطغيان إن لم يستقم
لا يرعك الجند يرجى للأذى … أي جند للأذى لم ينهزم