نَعِمتُ زماناً معَ المُترَفينَ – سبط ابن التعاويذي

نَعِمتُ زماناً معَ المُترَفينَ … وَعِشْتُ أَخَا ثَرْوَة ٍ مُوسِرَا

وَقَضَّيْتُ عُمْرَ الْهَوَى بِالْوِصَالِ … وليلَ الصِّبى بالدُّمى مُقْمِرا

طَليقَ العِناقِ خَليعَ العِذارِ … أهوى الغزالَ إذا عَذَّرا

وَلَمْ أَعْصِ فِي حُكْمِهَا غَادَة ً … كَعاباً ولا رَشَأً أحْورا

وَيَا رُبَّ صَفْرَاءَ مَشْمُولَة ٍ … أَهَنْتُ لَهَا الْعَسْجَدَ الأَحْمَرَا

وغالَيْتُ في اللَّهوِ لا نادِماً … لصفقة ِ غَبْنٍ ولا مُخْسِرا

وَنَادَمْتُ كُلَّ سَخِيِّ الْبَنَانِ … يُطْعِمُ نِيرَانَهُ الْعَنْبَرَا

وَجَالَسْتُ كُلَّ مَنِيعِ الْحِجَابِ … يَفرَقُ منهُ أُسودُ الشَّرى

رفيعِ العِمادِ طويلِ النِّجادِ … يَعْتَصِبُ التَّاجَ وَالْمِغْفَرَا

وَزُرْتُ الْوُلاَة َ وَخُضْتُ الْفَلاَة َ … طَوْراً ثَوَاءً وَطَوْراً سُرَى

وَقُدْتُ الْجِيَادَ تَلُوكُ الشَّكِيمَ … والعِيسَ خاضعة ً في البُرى

وَمَا كُنْتُ فِي لَذَّة ٍ وَانِياً … وَلاَ عَنْ طِلاَبِ عُلًى مُقْصِرَا

وها أنا من بعدِ طُولِ الحياة ِ … وَالْخَفْضِ صِرْتُ إلَى مَا تَرَى

وَغُودِرْتُ مُنْفَرِداً بِالْعَرَا … وَقَدْ قَصَمَ الْمَوْتَ تِلْكَ الْعُرَى

كأنّي رأيتُ زمانَ الشبابِ … ونَضرة َ عيشٍ بهِ في الكَرى

وَمَا كَانَ مَرُّ لَيَالِي السُّلُوِّ … إلاّ كخَطفَة ِ برقٍ سَرى

فقِفْ بيَ مُعتبِراً إنْ مرَرْتَ … على جَدَثي وابْكِ مُستَعْبِرا

وَلاَ تُخْدَعَنَّ بِمُغْتَرَّة ٍ … حَدِيثُ مَوَدَّتِهَا مُفْتَرَى

ولا تَركُنَنَّ إلى ثَروة ٍ … مَقِيلُكَ مِنْ بَعْدِهَا فِي الثَّرَى