نَعَم لقُلوبِ العاشقينَ عيُونُ، – صفي الدين الحلي
نَعَم لقُلوبِ العاشقينَ عيُونُ، … يَبينُ لها ما لا يَكادُ يَبينُ
نظرنا بها ما كانَ قبلُ من الهوى ، … فدَلّ على ما بَعدَها سَيَكونُ
نهانا النهى عنها، فلجتْ قلوبنا، … فقُلنا: اقدُمي إنّ الجنونَ فُنُونُ
نَغُضّ ونَعفُو للغَرامِ، إذا جَنَى ، … ويَقسُو علَينا حكمُهُ، فنَلِينُ
نَرُدّ حدودَ المُرهَفاتِ كَليلَة ً، … وتَفتُكُ فينا أعينٌ وجُفُونُ
نُهَوّنُ في سُبلِ الغَرامِ نُفُوسَنا، … وما عادَة ً، قَبلَ الغَرامِ، تَهُونُ
نُطيعُ رِماحاً فَوقَهنّ أهلّة ٌ، … وكُثبانَ رَملٍ فوقَهنّ غُصونُ
نَواعِمُ شَنّتْ في المُحبّينَ غارَة ً … بها اللّدنُ قَدٌّ، والسّهامُ عُيُونُ
نبالٌ، ولكنّ القسيَّ حواجبٌ، … نِصالٌ، ولكنّ الجُفُونَ جُفُونُ
نهبنَ قلوبَ العاشقينَ، وغادرتْ … بجِسمي ضَنًى للقَلبِ منهُ شُجونُ
نحولٌ وصبرٌ قاطنٌ ومقوضٌ، … ودَمعٌ وقَلبٌ مُطلَقٌ ورَهِينُ
نسهلُ أحوالَ الغرامِ تجلداً، … وإنّ سُهُولَ العاشقِينَ حُزونُ
نتابعهُ طوراً، ولا عروة ُ الهوى … بوثقى ولا حبلُ الزمانِ متينُ
نظنّ جميلاً في الزمانِ، وإنهُ … زمانٌ لتصديعِ القلوبِ ضمينُ
نرومُ وعودَ الجودِ منه، وقد غدتْ … لدى المَلِكِ المَنصورِ، وهيَ ديُونُ
نبيُّ سماحٍ قد تحققَ بعثهُ، … لهُ الرّأيُ وَحيٌ، والسّماحة ُ دينُ
نَجَتْ فِئَة ٌ لاذَتْ بهِ، فتَيَقنّتْ … بأنّ طَريقَ الحَقّ فيهِ مُبينُ
نخيٌّ، له العزمُ الشديدُ مصاحبٌ، … سَخيٌّ، لهُ الرّأيُ السّديدُ قَرينُ
نجيبٌ، لو أنّ البحرَ أشبهُ جودهُ، … لما سلمتْ من جانبيهِ سفينُ
نفتْ عنهُ ما ظنّ العداة ُ عزائمٌ، … هيَ الجَيشُ والجَيشُ الخَميسُ كمينُ
نَمَتهُ إلى القَومِ الذينَ رِماحُهُمْ … قضَتْ في الوَغى أن لا يَضِيقَ طَعِينُ
نُجومٌ لها فوقَ السّروجِ مَطالِعٌ، … لُيُوثٌ لها تحتَ الرّماحِ عَرينُ
نفوسهمُ يومَ الجدالِ جداولٌ، … وآراؤهم يومَ الجِدالِ حُصُونُ
نَجَعنا إلَيهِ من بلادٍ بَعيدَة ٍ، … وكلٌّ لهُ حسنُ الرجاءِ ضمينُ
نهضنا لنستسقي السحابَ، فجادنا … سَحابُ نَدَى كَفّيهِ وهيَ هَتونُ
نوافيكَ يا من قد غدتْ حركاته … على المُلكِ منها هَيبَة ٌ وسُكُونُ
نُجازى بما نأتي إلَيكَ هَديّة ً، … فنحملُ درّ المدحِ، وهو ثمينُ
نعمتَ، ولا زالتْ ربوعكَ جنة ً، … فمَغناكَ حِصنٌ للعُفاة ِ حَصينُ
نهبتَ الثنا والجودَ والمجدَ والعلى ، … ونِلتَ الأماني، والزّمانُ سُكُونُ