نَظَمْتُ هَذه الفِكَرْ
نَظَمْتُ هَذه الفِكَرْ ... ذاتَ شُؤُونٍ وَعِبَرْ
وَلا أَقُولُ إِنَّنِي ... قَدْ صُغْتُهَا صَوغَ الدُّرَرْ
أَرْسَلْتُهَا كَمَا أَتتْ ... بَيْنَ غُيَابٍ وَحَضَرْ
أَوَابِداً لَمْ يكُ لِي ... مِنْهَا بِتَأْبِيدٍ وَطرْ
وَلَمْ أَخَلْنِي إِنْ أَمُتْ ... يَسْتَحْيِنِي هَذَا الأَثَرْ
كَظَنِّ كلِّ مَنْ بَدَا ... لَهُ خَيَالٌ فَشَعَرْ
وَظنِّ كلِّ مَنْ رَأَى ... مَوْضِعَ نَثْرٍ فَنَثَرْ
يَحْسَبُ تِيهاً أَنَّهُ ... غَزَا الخُلُودَ فَانْتَصَرْ
وَهْمٌ قَديمٌ سِيرَتِي ... فِيه عَلى غَيْرِ السِّيَرْ
مَا أَكْلَفَ الإِنْسَانَ ... بِالبَقَاءِ حَتَّى فِي خَبَرْ
وَمَا أَشَدَّ وُدَّهُ ... لَوُ يُسْتَدَامُ فِي حَجَرْ
كمْ خاطِرٍ دَوَّنَهُ ... كَاتِبُهُ حِينَ خَطَرْ
وَقالَ هَذَا مُكْسِبِي ... لا شكَّ إِعْجَابَ البَشَرْ
إِذْ يَعْلَمُونَ أَنَّنِي ... صَاحِبُ هَذَا المُبْتَكَرْ
حَتَّى البُكَاءُ وَالسُّرُو ... رُ حِينَ يَبْكِي أَوْ يُسُرْ
يَخُطُّهُ كَأَنَّهُ ... جَوْعَانُ يَسْتَجْدِي النَّظَرْ
لَكِنَّنِي وَأَنْتَ تَدْ ... رِي أَيُّهَا الأَخُ الأَبَرّ
لَمْ أَتَمَنَّ مَرَّةً ... هَذِي الأَمَانِيَّ الكُبَرْ
وَلَمْ أُبالِ مُصْحَفاً ... لِيَ انْطَوَى أَوِ انْتشَرْ
وَلمْ أُبَالِ اسْمِيَ إِنْ ... لَمْ يُشْتَهَرْ أَوِ اشْتُهِرْ
أَلاَ وَقدْ عَلَّمْتَنِي ... بِمَشْهَدٍ وَمُخْتَبَرْ
كَيْفَ يَكُونُ أَحْكَمَ ... السفَّارِ وَالعُمْرُ سَفَرْ
يَأْخُذُ فِي مَسِيرِهِ ... مَا يُجْتَنَى مِنَ الثمَرْ
وَيَجْتَلِي حُسْنَ السُّهَى ... إِنْ فَاتَهُ حُسْنُ القَمَرْ
وَيَصْطَفِي رِفَاقَهُ ... لِلاِئْتِنَاسِ وَالسَّمَرْ
مُجَامِلاً أَمْثَالَهُ ... عَلَى الرَّخَاءِ وَالغِيَرْ
مُجْتَنِباً زَلاَّتِهِمْ ... مُغْتَفِراً مَا يُغْتَفَرْ
مُنْتَبِذَ السُّبْلِ الَّتِي ... تُعْلِقُ بِالثَّوْبِ الوَضَرْ
مُسْتَنْصِفاً وَمُنْصِفاً ... فِي الوُدِّ أَوْ فِي المُتَّجَرْ
مُسْتَمْسِكاً بِالحَقِّ لاَ ... يَغُرُّهُ وَهْمٌ أَغَرّ
يَجْرِي عَلَى حُكْمِ النهَى ... وَلاَ يُغَالِبُ القَدَرْ
فِي الدِّينِ وَالدنْيَا لَهُ ... حِكْمَةُ وِرْدٍ وَصَدَرْ
إِنْ يُؤْتَ فَضْلاً بَثَّهُ ... فِي النَّاسِ فِعْلَ مَنْ شَكَرْ
يَشْرَكهُمْ فِيهِ وَلَوْ ... إِشْرَاكَ سَمْعٍ وَبَصَرْ
وَلمْ يَصُنْهُ عَنْهُمُ ... صَوْنَ بَخِيلٍ مَا ادَّخَرْ
وَلمْ يُبَددْهُ سُدىً ... بِمَا تَباهَى وَافْتَخَرْ
ذلِكَ مَا أَفَدْتَنِي ... وَهْوَ عُيُونٌ وَغُرَرْ
فَلْسَفةٌ خِلْقِيَّةٌ ... أَلِفْتَهَا مِنَ الصِّغَرْ
عَنْ فِطْرَةٍ سَامَى بِهَا ... نقَاؤُهَا أَسْمَى الفِطرْ
أَخذْتُ عَنْكَ آيَهَا ... وَلمْ تُفَصَّلْ فِي سُوَرْ
حَضَرتُها كقَارِيءٍ ... مَغْزَى النُّهَى فِي مُخْتَصَرْ
أَرَتْنِيَ الدنْيَا وَبِي ... عَنْهَا جَلاَلٌ وَكِبَرْ
وَأَزْهدَتْنِي فِي المَدِيحِ ... وَالأَبَاطِيلِ الأُخَرْ
يَوْمَ أَبِيتُ هَامِداً ... مَثْوَايَ فِي إِحْدَى الحُفَرْ
لَكِنَّ مِنْهَا دَاعِياً ... أَجَبْتهُ وَقَدْ أَمَرْ
قَالَ دَعِ الآتِيَ لِلغَيْبِ ... وَخُذْ بِمَا حَضَرْ
صِفْ لِلرِّفَاقِ مَا تَرَى ... مِنْ زُهُرٍ وَمِنْ زَهَرْ
أَنْشِدْهُمُ مَا يَجْلِبُ ... الصَّفاءَ أَوْ يَنْفِي الكَدَرْ
حَذِّرْهُمُ مَا فِي الطَّرِيقِ ... مِنْ بَلاَءٍ وَخَطَرْ
سَكِّنْ حَشَى مَرُوعِهِمْ ... وَلاَ تُؤَازِرْ مَنْ وَزرْ
أَرْشِدْ بِرِفْقٍ تَارَة ... وَتَارَةً بِمُزْدَجَرْ
يَا مَنْ دَعَانِي أَنَا مَنْ ... إِنْ يُدْعَ لِلخَيْرِ ابْتَدَرْ
أَلنَّاسُ بِالنَّاِس وَكُلٌّ ... وَاهِبٌ عَلَى قَدَرْ
وَشَرُّهُمْ مَنِ اسْتَطَا ... عَ أَنْ يُفِيدَ فَاعْتَذَرْ
لَوْ لمْ تَكُنْ مُجَرِّئِي ... هَذَا الكِتَابُ مَا ظَهَرْ
وَليْسَ إِلاَّ قِصَصاً ... إِلى شُُونٍ وَذِكَرْ
وَنفحَاتٍ بَاقِيَا ... تٍ مِنْ شبَابٍ قَدْ عَبَرْ
وسَانِحَاتٍ سَنَحَتْ ... بَيْنَ غُرُوبٍ وَسَحَرْ
فِي مُسْتَضَاءِ الخَمْرِ أَوْ ... فِي مُتَفَيَّإِ الخمَرْ
تَحْتَ مَرَائِي الشُّهْبِ أَوْ ... بَيْنَ مَلاَحِظِ الشَّجَرْ
خَوَاطِرٌ وَضَّاءَةٌ ... بِهَا مَلاَمِحُ السَّهَرْ
أَلْبَسْتها مِنْ أَدْمُعِي ... وَمِنْ دَمِي هَذِي الحِبَرْ
قَشِيبَةً غَرِيبَةً ... عَصْرِيةً نَسْجَ مُضَرْ
ذلِكَ دِيوَانِي وَمَا ... أُزْجِيهِ إِزْجَاءَ الغَرَرْ
فَإِنْ أَفَادَ رَاحَةً ... أَوْ سَلوَةً مِنَ الضَّجَرْ
أَوْ حِكْمَةً تُؤْخَذُ عَنْ ... مُتَّعِظٍ وَمُعْتَبِرْ
فَهْوَ الذِي نَشَرْتُهُ ... لأَجْلِهِ بِلاَ حَذَرْ
وَبَعْدَ ذَاكَ لاَ يَكُنْ ... لِيَ افْتِخَارٌ أَوْ خَطَرْ