نشدتكَ يا بانة َ الأجرعِ – مهيار الديلمي

نشدتكَ يا بانة َ الأجرعِ … متى رفع الحيُّ منْ لعلع

وهلْ مرَّ قلبي في التَّابعي … نِ أمْ خارَ ضعفاً فلمْ يتبعِ

لقلدْ كانَ يطعمني في المقامِ … ونيَّتهُ نيَّة ُ المزمعِ

وسرنا جميعاً وراءَ الحمولِ … ولكنْ رجعتُ ولمْ يرجعِ

فأنَّتهُ لكِ بينَ القلوبِ … إذا اشتبهتْ أنَّهُ الموجعِ

وشكوى تدلُّ على سقمهِ … فإنْ انتِ لمْ تبصري فاسمعي

وأبرحُ منْ فقدهِ أنَّني … أظنُّ الأراكة َ عنِّي تعي

يلومُ على وطني وافرُ ال … جوانحِ ملتئمُ الأضلعِ

يبارحُ طيرَ النَّوى لا يفالْ … بأبترَ منها ولا أبقعِ

وقالَ الغرامُ مدى ً لا يرامْ … فخذْ منهُ شيئاً وشيئاً دعِ

تصبَّرْ على البينِ واجزعْ لهُ … لو كنتُ أصبرُ لمْ أجزعِ

وفي الرَّكبِ سمراءُ منْ عامرٍ … بغيرِ القنا السُّمرِ لمْ تمنعِ

أغيلمة ُ الحيِّ منْ دونها … تجرُ الذَّوابلَ أو تدَّعي

تطولُ عرانيهمْ غيرة ً … إذا مااستعيرَ اسمها وادُّعي

رجالٌ تقومُ وراءَ النِّساءِ … فيحمي اللِّثامُ عنْ البرقعِ

أدرْ يا نديمي كأسَ المدامِ … فكأسي بعدهمُ مدمعي

فإنْ كانَ حدُّكَ فيها الثَّلاثَُ … فإنِّي أشربُ بالأربعِ

وزورٍ ولسنا بمستيقظين … ببطنِ العقيقِ ولا هجَّعِ

ترفَّعنا جاذباتُ السُّرى … وتخفضنا فترة ُ الوقُّعِ

سرى يتبعَ النَّعفَ حتى أطابَ … حثيثَ التُّرابِ على ينبعِ

فبلَّ الغليلَ ولمْ يروهِ … وأعطى القليلَ ولمْ يمنعِ

يدٌ نصعتْ لسوادِ الظَّلامِ … ومنْ لكَ بالأسودِ الأنصعِ

تبرَّعَ منْ حيثُ لمْ أحتسبْ … بها وسقى حيثُ لمْ أشرعِ

رأى قلقي تحتَ أوراقهِ … فدلَّ الخيالَ على مضجعي

نذيريَ منْ زمنٍ بالعتا … بِ عنْ خلقهِ غيرُ مسترجعِ

ومنْ حاكمٍ جائرٍ طينهُ … على طابعِ الحقِّ لمْ يطبعِ

يميلُ على الحمرِ المقرباتِ … ة يغضبُ للأسمرِ الأجدعِ

يكاثرني واحداً بالخطوبِ … ويحملُ منِّي على أضلعِ

ويأكلني بتصاريفهِ … فها انا أفنى ولمْ يشبعِ

وكمْ قامَ بيني وبينَ الحظوظِ … وقدْ بلغتني فقالَ ارجعي

ولاحظني في طريقِ العلا … أمرُّ على الجددِ المهيعِ

فقالَ لشيطانهِ قمْ إلي … هِ فاحبسْ بهِ الرَّكبَ أو جعجعِ

فلا هو في عطني ممسكي … ولا تاركي سارحاً أرتعي

أبغدادُ حلتِ فما أنتِ لي … بدارِ مصيفٍ ولا مربعِ

صفرتِ فما فيكِ منْ درَّة ٍ … يقومُ بها رمقُ المرضعِ

ودفَّعتْ البصرة ُ المجدَ عن … كِ حتى ضعفتِ فلمْ تدفعي

فمالَ إليها فشلَّ الصَّلي … فَ عنكِ وملتفتَ الأخدعِ

فخلِّي لنا نحوها طرفنا … وطيري لنا حسداً أو قعي

إلى كمْ يزخرفُ لي جانباكِ … خداعاً ولو شئتُ لمْ اخدعِ

وكمْ استرقَّ على شاطئيكِ … بمغربِ شمسكِ والمطلع

وتهتفُ دجلة ُ بي والفراتُ … حذارِ منَ الآجنِ المنقعِ

وتربة ُ ارضكِ لا تسمحنَّ … بجمرائها للثَّرى الأسفعِ

ويرتاحُ وجهي لبردِ النَّسيمِ … ونارُ الخصاصة ِ في أضلعي

وما انتِ إلاَّ وميضُ السَّرابِ … على صفحة ِ البلدِ البلقعِ

ومالي أقمحُ ملحَ المياهِ … إذا كنتُ أشربُ منْ أدمعي

وهلْ قاتلي بلدٌ أنْ أٌقيمْ … إذا خطَّ في غيرهِ مصرعي

حفظتكِ حتى لقدْ ضعتُ فيكِ … فخفَّضَ حبُّكِ في موضعي

ولو كنتُ انصفتُ نفسي وقدْ … قنعتُ بأهلكِ لمْ أقنعِ

غداً موعدِ البينِ ما بيننا … فما أنتِ صانعة ٌ فاصنعي

عسى اللهُ يجعلها فرقة ً … تعودُ بأكرمِ مستجمعِ

وتأوي لهدي الأماني العطاشِ … قتأوي إلى ذلكَ المشرعِ

ويسعدها الحظُّ منْ ظلِّ ذي السَّ … عاداتِ بالجانبِ الممرعِ

فيرعى الوزيرُ لها ابنُ الوزي … رِ ما ضاعَ عندكَ لما رُعي

سيعصفُ حادي القوافي لها … هبوباً إلى الملكِ الأروعِ

فتنصرُ بالمحتمي المتَّقي … وتجبرُ بالرَّازقِ الموسعِ

فتى ً عشقَ المجدَ لمَّا سلا … وعاشَ بهِ الفضلُ لمانعي

وجمَّعَ منْ فرقِ المكرماتِ … بدائدَ لولاهُ لمْ تجمعِ

غلامٌ انافَ بآرائهِ … على كلِّ كهلٍ ومستجمعِ

ومدَّ بباعِ ابنِ ستينَ وهو … بباعِ ابنِ عشرينَ لمْ يذرعِ

ودلَّ بمعجزِ آياتهِ … على قدرة ِ الخالقِ المبدعِ

نوافرُ قرَّتْ لهُ لمْ تجزْ … بظنٍّ ولمْ تمشِ في مطمعِ

رأى اللهُ تكليفهُ شرعها … فقالَ لهُ بهما فاصدعِ

سقى كلَّ ضدَّينِ ماءَ الوفاقِ … بكأسِ سياستهِ المترعِ

فخيسُ الأسودِ كنائسُ الظِّبا … ءِ والماءَ والنَّارُ في موضعِ

وجمَّاءَ منْ سرحِ أمِ اليتي … مِ تنهلُ والذِّئبُ منْ مكرعِ

وسدَّ بهيبتهِ في الصُّدورِ … مسدَ الظُّبا والقنا الشُّرَّعِ

فلو لطمَ اللَّيثَ لمْ يفترسِْ … ولو وطئَ الصِّلَّ لمْ يلسعِ

سلْ البصرة َ اليومَ منْ ذا دعا … لها وبأيِّ دعاءٍ دعي

وكيفَ غدا جنَّة ً صيفها … وكانتْ جحيماً على المرتعِ

ومنْ ردَّها وهي أمُّ البلا … دِ أنساً على وحشة ِ الأربعِ

محرِّمة ً أنْ يحومَ الزَّمانُ … عليها بأحداثهِ الوقَّعِ

وكانتْ روائعُ أخبارها … متى يروها ناقلٌ يفزعِ

طلولاً تناعبُ غربانها … إذا الدِّيكُ أصبحَ لمْ يصقعِ

يرى المرءُ منْ دمهِ في قميصِ … أخيهِ ضبائغَ لمْ تنصعِ

فكمْ رحمٍ ثمَّ مقطوعة ٍ … ولو ربَّها الحزمُ لمْ تقطعِ

ومنْ طامعٍ في المولَّى عليهِ … ولو سيسَ بالعدلِ لمْ يطمعِ

رأى اللهُ ضيعتها في البلادِ … فأودعها خيرَ مستودعِ

وردَّ لها الشَّمسَ بعدَ الغروبِ … بغيرِ عليٍّ ولا يوشعِ

فبلِّغْ ربيعة َ إنْ جئتها … وسعداً وأسمعْ بني مسمعِ

ضعي أهبَ الحربِ واستسلمي … لمالكِ امركِ واستضرعي

ويكفيكِ منتتقعاً في الحدي … دِ انْ تأبري النَّخلَ أو تزرعي

فقدْ منعَ السَّرحَ ذو لبدتينِ … متى ما يهجهجْ بهِ يوقعِ

وسدَّتْ عليكَ مجازَ الطَّري … قِ مسحبة ُ الأرقمِ الأدلعِ

وضمَّ عراقكَ منْ فارسٍ … شريفُ المغارسِ والمفرعِ

بطيءٌ على السَّوءِ ما لم يهجْ … فإنْ يرى مطعمة ً يسرعِ

منَ القومِ تعصفُ أقلامهمْ … لواعبَ بالأسلِ الزعزعِ

وتقضي على خرزاتِ الملوكِ … عمائمهمْ وهي لمْ توضعِ

ويقعصُ بالبطلِ المستميتِ … لسانُ خطيبهمْ المصقعِ

إذا ادَّرعوا الرَّقمَ والعبقريَّ … سطوا بالدَّرائكَ والأدرعِ

لهمْ في الوزارة ِ ما للبرو … جِ في الأفقِ منْ مطلعٍ مطلعِ

مواريثُ مذ لبسوا فخرها … على أوَّلِ الدَّهرِ لمْ ينزعِ

همْ ومنابتُ هذي الملوكِ … منَ النَّبعِ والنَّاسُ منْ خروعِ

تصلصلَ منْ طينها طينهمْ … كما الماءُ والماءُ منْ منبعِ

قرنتمْ بهمْ في شبابِ الزَّمانِ … قرينة َ عادٍ إلى تبَّعِ

فمنْ قالَ آلُ بويهٍ الملوكُ … همْ آلُ عبَّاسَ لمْ يدفعِ

تنوطُ وزارتكمْ ملكهمْ … مناطَ المعاصمِ بالأذرعِ

فيا ابنَ الوزيرينِ جدِّاً أبا … وأثلثْ غذا شئتَ أو أربعِ

إلى حيثُ لا يجدُ النَّاسبون … وراءَ المجرَّة ِ منْ مرفعِ

بحقِ مكانكَ منْ صدرها … وكلُّهمْ غاصبٌ مدَعي

وإنِّي لأعجبُ منْ عاجزٍ … متى تتصدَّ لها يطمعِ

ومنْ مستطيلٍ لها عرقهُ … إلى غيرِ بيتكَ لمْ ينزعِ

يمدُّ لها يدهُ أجذماً … وأينَ السُّوارُ منَ الأقطعِ

أيا حاميَ الذَّودِ ما للعرا … قِ أٌهملَ بعضٌ وبعضٌ رعي

فمنْ جانبٍ بلدٌ جرحهُ … بعدلكَ ألحمَ لمَّا رعي

ومنْ جانبٍ بلدٌ لا يرى … لخرقِ الصَّبا فيهِ منْ مرتعِ

وما مثلُ شمسكَ مما تخصُّ … فعمَّ البلادَ بها واجمعِ

وبغدادُ دارُ حقوقٍ عليكَ … متى ترعَ أيسرها تقنعِ

فسلطانُ عزَّكَ لمْ يقهرْ ال … عدا في سراها ولمْ يقمعِ

وجعفرُ ما جعفرُ المكرما … تِ لمْ يسلُ عنها ولمْ ينزعِ

وكمْ جذعٍِ منكَ اقرحتهُ … ومثغرٍ بعدُ لمْ يجذعِ

وأنتَ وإنْ كنتَ جنَّبتها … فلمْ ترعَ فيها ولمْ ترتعِ

فعندكَ منها الذي لا يرى … محاسنُ تبصرُ بالمسمعِ

فجرِّدْ لها عومة ً كالحسامِ … متى ما يجدْ مفصلاً يقطعِ

فإنَّ الطَّريقَ إليها عليمتى رمتها فهي من راحتيك بين الرواجب والأشجعِ … كَ غير مشيك ولا مسبع سقط بيت ص

بنا ظمأٌ إنْ جفانا حياكَ … وواصلنا الغيثُ لمْ ينقعِ

فغوثاً فما زلتَ غوثَ اللَّهيفِ … متى يدعِ مستصرخاً تسمعِ

ولو لمْ يكنْ غيرَ أنِّي أراكَ … فيفزعْ فضلي إلى مفزعِ

فإنْ يجمعُ اللهُ هذا الثَّناءَ … وتلكَ المكارمَ في مجمعِ

وإنْ لمْ اسرْ فانتشلني إليكَ … وقدني بحبلِ الثَّنا أتبعِ

ورشْ بالنَّوالِ جناحي أطرْ … وبالأذنِ في مهلي أسرعِ

فما تطرحُ الأرضُ وفداً إلي … كَ أحسنَ عندكَ منْ موقعي

ولو ساعدَ الشَّوقَ طولٌ إليكَ … طلعتُ بهِ خيرَ مستطلعِ

فغيبة ُ مثلي عنْ موضعٍ … وإنْ عزَّ عمرٌ على الموضعِ

وإنِّي لقعدة ُ مستفرهٍ … بصيرٍ ومتعة ُ مستمتعِ

شهابٌ على أندياتِ الملوكِ … متى يقتبسْ بالنَّدى يلمعِ

وإنْ لمْ يبنْ شبحٌ ذابلٌ … على طودِ ملككمْ الأتلعِ

فإنَّ القلامة َ في ضعفها … تعانُ بها بطشة ُ الأصبعِ

لكمْ في يدي وفمي صارمانِ … بصيرانِ في القولِ بالمقطعِ

ومنْ دونِ ذلكَ رأيٌ يسدُّ … ناحية َ الحادثِ المفظعِ

ومفضي الامانة ِ منِّي إلى … صفاة ٍ منَ الحفظِ لمْ تقرعِ

فإمَّا علمتُ وإلا الخبيرُ … فسلهُ فمثلي لا يدَّعي

بقيتُ لمعوزِ هذا الكلامِ … متى أدعُ عاصيهُ يبخعِ

وحيداً أحيَّا بها إنْ حضرتُ … مدحتُ وإنْ غبتُ لمْ أقذعِ

وهلْ نافعي ذاكَ بلْ ليتَ لا … يضرُّ إذا هو لمْ ينفعِ

سمعتُ الكثيرَ وما إنْ سمعتُ … بأكسدَ منِّي ولا أضيعِ

لعلَّكَ تأوي لها قصة ً … إلى غيرِ بابكَ لمْ ترفعِ

ومنْ كنتَ حاكمَ أيَّامهِ … متى يطلبُ النَّصفَ لا يمنعِ

متى تصطنعني تجدْ ما اقترحتُ … مكانَ اغتراسكَ والمصنعِ

وعذراءُ سقتُ لكمْ بضعها … ولولا رجاؤكَ لمْ تبضعِ

منَ المالكاتِ قلوب الملو … كِ لمْ تتذلَّلْ ولمْ تخشعِ

تصلى القوافي إلى وجهها … فمنْ ساجداتٍ ومنْ ركَّعِ

أقمتُ وقدَّمتها رائداً … فشفِّعْ وسيلتها شفِّعِ

عصتني الحظوظُ فيا بدرُ كنْ … دليلاً على حظِّي الطَّيِّعِ

فلا غروَ أنْ أقهر الحادثاتِ … ورأيكَ لي ولساني معي