نرقُّ وتقسو بالغوير قلوبُ – مهيار الديلمي
نرقُّ وتقسو بالغوير قلوبُ … و نسألُ سكانَ الغضا ونخيبُ
و تهفو على ذاتِ النقا بحلومنا … وجوهٌ تريحُ الوجدَ وهو عزيبُ
وقفنا ومنا رابطٌ جأشَ قلبهِ … بريءٌ ومحلولُ العزاءِ مريبُ
تجاذبنا أيدي الحمية ِ والهوى … و نأبى َ على الأشواقِ ثمّ نجيبُ
نغالطُ ألحاظ المها عن قلوبنا … و بالرمل قاريُّ السهامِ مصيبُ
إذا أخفقَ القناصُ راح بكل ما … يرى مطعمٌ للصيد منه كسوبُ
قضى من دماءٍ ما استحلَّ وحلقتْ … به نية ٌ عما أشاط شعوبُ
فما هو بعد العنف إلا علالة ٌ … أحاديثُ نفسٍ تفتري وتحوبُ
تسرك منها والدجى في قميصه … زخارفُ يحلو زورها ويطيبُ
فتطربُ والشادي بها سامرُ المنى … و تشربُ ما يسقى وجفنك كوبُ
حمى الله عينا من قذاها على الحمى … تجفُّ ضروعُ المزنِ وهي حلوبُ
إذا قلتُ أفنى البرق جمة َ مائها … مراها مرورُ البرقِ وهي جنوبُ
بكت وغديرُ الحيّ طامٍ فأصبحت … عليه المطايا الحائماتُ تلوبُ
و ما خلتُ قبلي أنَّ عينا ركية ٌ … و لا أنّ ملح الماقيينِ شروبُ
و ليلة َ ذاتِ البانِ ساهرتُ طالعا … من النجم لم يكتبْ عليه غروبُ
أسائلُ عن نومي وضوءِ صباحها … و أعيا فأيّ الغائبين يؤوبُ
سرتْ تخبط الوادي إلى ّ وصحبتي … طريحٌ على أقتابهِ وكئيبُ
أناخوا إلى تعريسة ٍ قلَّ عمرها … فما هي إلا خفقة ٌ وهبوبُ
فللريحِ منهم أعينٌ ومسامعٌ … و للتربِ منهم أذرعٌ وجنوبُ
فزارت فحيت ممسكا بفؤادهِ … له نازعٌ من شوقه وجذيبُ
فيا لك باقي ليلة ٍ لو تخلصتْ … من الغشَّ يقذي صفوها ويشوبُ
و لكن نهاني الخوفُ قم أنت مدركٌ … و صاحَ الظلامُ الصبحُ منك قريبُ
و لم أدرِ أنَّ القربَ عينٌ حفيظة ٌ … على ّ ولا أن الوصالَ رقيبُ
يخوفني عضَّ الزمان ومنكبي … رديدٌ على حملِ الزمانِ جليبُ
تعودتهُ لا خاضعا لخطوبه … و كيف وكلُّ العيش فيه خطوبُ
و كم غمزة ٍ في جانبي لم أقل لها … ألمتِ وجرحى لو شكوتُ رغيبُ
تعمق فيها مخلبا ومنيبا … و أقلعَ والنبعُ الأصمُّ صليبُ
و هل أتغطى منه خوفا وموئلي … جنابٌ منيعٌ للوزير رحيبُ
و دوني منه إن مشى نحويَ الأذى … طرابٌ تدمى الناعلاتِ ولوبُ
و حصداءُ من نعماه كلُّ مسددٍ … له حيدٌ عن سردها ونكوبُ
حماني من الأيام أروعُ لو حمى … سبابيَ لم يقدمْ عليه مشيبُ
رعى شرفُ الدين العلا برعايتي … فما شمَّ ريحا حول سرحي ذيبُ
أثر بزلها يا طالبَ المجدِ والغنى … و خاطرْ بها فابنُ الخطارِ نجيبُ
و طرقْ هواديها الجبالَ وخلها … تجوبُ مع الظلماءِ حيث تجوبُ
تقدمْ بها فالسعدُ بالمرءِ مقبلٌ … و لا تتهيبْ فالشقاءُ هيوبُ
أقمْ بني عبد الرحيم صدورها … إذا حطَّ منها أو أمالَ لغوبُ
و غنَّ بهم أسماعها إن حدوتها … تحنّ إذا حنت لتطربَ نيبُ
ففي العيس قلبٌ مثلُ قلبك ماجدٌ … و سمعٌ إلى ذكرِ الكرام طروبُ
تميمْ أعالي دجلة ٍ فانحُ شامة ً … بحيثُ تبلُّ العيشَ وهو جديبُ
و ناص بها فرع الدجيلِ فعنده … مرادٌ يعمُّ الرائدين عشيبُ
و قلْ لعميد الدولة اسمعْ فإنها … ملاحمُ إن فتشتها وخطوبُ
لحظتَ ذرا أعجازها من صدورها … و بعضُ ظنونِ الألمعيَّ غيوبُ
و داويتها بالرأي حتى كفيتها … و ما كلُّ آراءِ الرجالِ طبيبُ
عجلتَ لها مستأنيا ما وراءها … و للآمرِ بادٍ ظاهرٌ وعقيبُ
خلصتَ خلوص التبرِ منها مسلماً … عليك وميضٌ صادعٌ ولهيبُ
و قالوا خطاءً مسرعا متعجلا … و قد يتأنى في الأمور طلوبُ
و أهونَ بالتغريرِ فيها كأنه … بجدّ الخطوبِ المثقلاتِ لعوبُ
و ما علموا أنَّ السهامَ موارقٌ … و لا أنّ خطواتِ الأسودِ وثوبُ
سهرتَ ونامَ الغمر عما رأيتهُ … ففزتَ وطرفُ الألمعيَّ رقوبُ
كأنَّ لك اليومَ المنعمَ صبحة ٌ … و يومُ الحريصِ المستغرّ عصيبُ
و قالوا طوى بغدادَ بغضا وسلوة ً … و بغدادُ مغنى ً للحياة خصيبُ
و ظنوك إذ فارقتها أنَّ قلبها … على قلة الإعراض عنك يطيبُ
و قد تظعنُ الأشخاصُ والحبُّ قاطنٌ … و يكثر هجرُ البيتِ وهو حبيبُ
و ما الملكُ إلا جنة ٌ عمّ نورها … و مذ غبتَ عنها سهمة ٌ وشحوبُ
فكيف غدت شلاء لا بدمِ العدا … و لا بعطارِ الغانياتِ خضيبُ
بكى وحشة ً وهو المغيضُ دموعهُ … و أنَّ لحرَّ الجرحِ وهو ضريبُ
و كنتَ له وجها ضحوكا فبشرهُ … عبوسٌ وقد فارقته وقطوبُ
يورى حياءً والندامة ُ غصة ٌ … لها خدشة ٌ في صدره وندوبُ
إلى ماجدٍ في صدره قمرُ الدجى … إذا تمَّ راضٍ والهزبر غضوبُ
تقبلُ منه راحة ٌ تقتلُ الصدى … تعلمَ منها المزنُ كيق يصوبُ
رستْ في الندى حتى استقرت عروقها … من البحرِ والعرقُ الكريمُ لصوبُ
يدٌ تعجبُ الأقلام من أنسِ سيفهِ … بها وهو فيما بينهنَّ غريبُ
إذا اختصموا قالت تأخرْ فإنما … لنا السبقُ فاتبعنا وأنت جنيبُ
فيأبى له الحدُّ المصمم أنه … يؤخرُ والأقلامُ عنه تنوبُ
و تجري هناتٌ بينهنّ وبينه … يحكمُ فيها فارسٌ وخطيبُ
فيجعلُ للأقلام فيها نصيبها … بحقًّ وللسيفِ الحسامِ نصيبُ
و قد زعموا أنَّ الحجا متكهلٌ … و أنّ رجالاتِ السيادة ِ شيبُ
فلله منك المنتهى في إقبالهِ … و منْ ربَّ أمرَ الناس وهو ربيبُ
و منْ بسقتْ أغصانه فتفرعتْ … على الشجرِ العاديَّ وهو قضيبُ
و لا تبلِ أثوابَ الوزارة ِ بعد ما … كستك بها الأيام وهي سليبُ
تقصمها قومٌ وما خلقتْ لهم … فهانوا ومن بعض الجمالِ عيوبُ
أتتك فصار الرقُّ في يدِ مالكٍ … و قد دنستها بذلة ٌ وغضوبُ
و سالمَ معناها بسوددك اسمها … و بينهما في آخرين حروبُ
تنافى بيوتُ معشرٍ وبيوتها … و أنت لها في جانبيك نسيبُ
فما بيت إسماعيلَ عنها بنازحٍ … و لا أنْ بها عبدُ الرحيم غريبُ
فلو هبَّ ميتٌ من كراه فقام أو … تطلعَ مرموسُ الجبين تريبُ
لقرتْ عيونٌ أو لسرتْ مضاجعُ … بأنك ميراثٌ لها وعقيبُ
إذنْ لرأت منك الذي الشمسُ لا ترى … بأنجمها في الأفق حين تغيبُ
نشرتَ لهم فخرا يعيشُ حديثهُ … و يخلقُ عمرُ الدهر وهو قشيبُ
لئن عمَّ شرٌّ أو أسرتْ ضغائنٌ … ببغيٍ فإنّ الله عنك حسيبُ
و قد علمتْ نجوى رقاك عقاربٌ … لها نحوكم تحت الظلام دبيبُ
و لم تك إلا هفوة ً واستقالها ال … زمانُ وذنبا وهو منه يتوبُ
و لا بدَّ للإقبال من يومِ عودة ٍ … تدافعُ عنه العينُ حين تصيبُ
و كم رافعٍ لي بالعداوة ِ صوتهُ … يهبهبُ في إبعادهِ ويهيبُ
قوياً على ظلمي بسيفِ عدوكم … و عهدي به بالأمس وهو يخيبُ
يظنّ وحشاكم عراي تقطعتْ … و أني أخيذُ والزمان طليبُ
و أنَّ قناتي بعدكم ستلينها … ضروسٌ له مذروبة ٌ ونيوبُ
و لم يدرِ أنّ الشامَ لو حالَ دونكم … و زيلتهُ عنكم لكنتُ أصيبُ
فقلتُ لفيكَ التربُ أو فوقك الحصى … تغيبُ أسودُ الغابِ ثمّ تؤوبُ
غداً تطلعُ الراياتُ والنصرُ تحتها … كتيباً يوليهِ النجاحَ كتيبُ
ترى المجدَ في أطرافها خافقَ الحشا … سرورا بما ضمت وأنتَ كئيبُ
و بغدادُ طلقٌ وجهها متبسمٌ … و للملكِ من بعد الخمودِ شبوبُ
بشائرُ لي في مثلهنَّ مواقفٌ … أصدق فيها والزمانُ كذوبُ
مجرية ٌ فيكم كأنَّ عيونها … لها خلفَ أستارِ الغيوبِ ثقوبُ
تمرّ لكم طيرى يمينا بزجرها … على مشهدٍ مني وحين أغيبُ
نشدتكمُ باللهِ كيف رأيتمُ … مناجحها والعائفات تخيبُ
فقولوا نعمْ وفقتَ وأرعوا ذمامها … غداً وغدٌ للناظرين قريبُ
بكم يا بني عبد الكريم أنجلي القذى … و أصبحَ وعرُ الجودِ وهو لحيبُ
إذا أجدبتْ أرضى وسدتْ مواردي … فعنكمُ لي روضة ٌ وقليبُ
و لما رأيتُ الحبَّ في الهزلِ سنة ً … عشقتكمُ والعاشقون ضروبُ
فمن يعطِ منكم طالبا فوق حقهِ … فحقيَّ دينٌ لازمٌ ووجوبُ
فلا قلصتْ عني سحائبُ ظلكم … فمنها مرذٌّ تارة وسكوبُ
و لا عدمتكم نعمة ٌ خلقتْ لكم … و دنيا لكم فيها الحياة تطيبُ
يزوركم النيروز مقتبلَ الصبا … و قد دبَّ في رأس الزمان مشيبُ
تصوح أغصانُ الأعادي وغصنكم … من السعد ريانُ النباتِ رطيبُ
دعاءٌ حيالى فيه ألفُ مؤمنٍ … توافقُ منهم ألسنٌ وقلوبُ