مُصَابُ مِصْرَ مُصَابُ العَالَمِ العَرَبِي – خليل مطران

مُصَابُ مِصْرَ مُصَابُ العَالَمِ العَرَبِي … هَلْ مَدْمَعٌ فِي رُبُوعِ الضَّادِ لَمْ يَصُبِ

أَيْنَ الزَّعِيمَةُ كَانَتْ لِلْفِدَى مَثَلاً … بِالجُهْدِ وَالمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ إِنْ يَجِبِ

فَقَدْ تَفَرَّدَتِ بِالأَفْعَالِ بَاهِرَةً … كَمَا تَفَرَّدْتِ بِالأَقْوَالِ وَالخُطَبِ

إِنْ حُزتِ أَعْلَى وِسَامٍ لِلْكَمَالِ فَفِي … كُلِّ القُلُوبِ لَكِ العُلْيَا مِنَ الرُّتَبِ

وَفِي اتِّحَادِ النِّسَاءِ العَالمِي أَمَا … خَلا لَكِ الصَّدْرُ عَنْ حُبٍّ وَعَنْ رَغَبِ

نَفَحْتِ عَنْ مِصْرَ فِي إِبَانِ ثَوْرَتِهَا … وَلَمْ يُرَوِّعْكِ بَأْسُ الجَحْفَلِ اللَّجِبِ

وَفِي جِهَادِكِ لَمْ تَأْلِي مُرَاعِيَة … مَا لِلعُرُوبَةِ مِنْ إِصْرٍ وَمِنْ نَسَبِ

تُؤَيِّدِينَ الَّذِينَ اسْتَبْسَلُوا فَحَمَوْا … أَوْطَانَهَا بِرِمَاحِ الخَطِّ وَالقُضُبِ

فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ تَابَعْتِ وَثْبَتَهُمْ … وَالعَوْنُ يَتْبَعُ مِنْكَ العَونَ عَنْ كَثَبِ

وَهَل فِلَسْطِينُ تَنْسَى مَا بَذَلْتِ لَهَا … فَيمَا تُعَانِيهِ مِنْ حَرْبٍ وَمِنْ حَرَبِ

إِلَى نِهَايَةِ مَا فِي الجِسْمِ مِنْ رَمَقٍ … كَافَحْتِ فِي جَلَدٍ عَنْهَا وَفِي دَأَبِ

غَالَيْتِ فِيمًا تَقَاضَيْتِ الحَيَاةَ وَمَا … شَكَوْتِ مِنْ سَأَمٍ يَوْماً وَلاَ نَصَبِ

وَقَدْ أَبَيْتِ إِذَا دَاعِي السَّلاَمِ دَعَا … إِلاَّ الشَّهَادَةَ وَالأَعْدَاءُ لَمْ تَغِبِ

كَائِنْ جَهِدْتِ لإنْصَافِ الشُّعوبِ وَكِمْ … شَهِدْتِ مُؤْتَمَراً فِي كُلِّ مُغْتَرَبِ

سِلاَحُكِ الحَقُّ إِنْ أَلْقَى أَشِعَّتَهُ … هَوَتْ أَبَاطِيلُهُمْ رَأْسَاً عَلَى عَقِبِ

وَهَلْ سَلامٌ إِذَا لَمْ تُنْتَصَفْ أُمَمٌ … أَغْلَى مَرَافِقِهَا نَهْبٌ لِمُنْتَهِبِ

وَهَلْ يُقَالُ إِخَاءٌ والسَّبِيلُ دَمٌ … وَالصّدْقُ تُغْشَاهُ أَلْوَانٌ مِنَ الكَذِبِ

أَمَا رِسَالَتُكِ المُثْلَى فَمَا بَرِحَتْ … كَمَا بَدَأْتِ بِهَا مَوْصُولَةَ السَّبَبِ

مَاذَا صَنَعْتِ لإِنْصَافِ النِّسَاءِ وَكَمْ … دَفَعْتِ عَنْهُنَّ مِنْ كَيْدٍ وَمِنْ رِيَبِ

هَلْ يَسْلَمُ الشَّعْبُ وَالشَّطْرُ الوَلُودُ بِهِ … مِنَ الإِمَاءِ وَهَلْ يَنْجُو مِنَ العَطَبِ

حَرَّرْتِهِنًَّ بِرَغْمِ الكَاشِحِينَ وَمَنْ … يَسْعَى بِعزْمِكِ لَمْ يُخْفِقْ وَلَمْ يَخِبِ

وَكَانَ خَيْرَ اتِّحَادٍ مَا جَمَعْتِ بِهِ … مِنْ نَابِهَاتِ الغَوَانِي نُخْبَةَ النُّجَبِ

مُؤَسَّسَاتُكِ لَوْ عُدَّتْ وَلَوْ وُصِفَتْ … لَمَا انْتَهَى عَجَبٌ إِلاَّ إِلَى عَجَبِ

آيَاتُ عَصْرٍ جَدِيدٍ لِلرُّقِيِّ يَرَى … مُسْتَقْبَلُ الشَّعْبِ فِيهَا كُلُّ مُرْتَقِبِ

بِهَا تُعَدُّ البَنَاتُ الصَّالِحَاتُ لَهُ … وَالأُمَّهَاتُ لِجِيلٍ عَامِلٍ دَرِبِ

مَاذا صَنَعْتِ وَلَمْ تُخْطِئْكِ مَأْثِرَةٌ … لِلْعِلْمِ وَالفَنِّ وَالأَخْلاَقِ والأَدَبِ

ظَلَّتْ رِحَابُكِ دَهْراً لاَ يُلِمُّ بِهَا … رَاجٍ عَلى دَهْرِهِ نَصْراً وَلَمْ يُجَبِ

وَكَمْ أَعَنْتِ صَنَاعاً في صِنَاعَتِهِ … وَكَمْ نَشَرْتِ مِنَ الأَسْفَارِ وَ الكُتُبِ

يَؤُمُّهَا بِالأَمَانِي العُفَاةُ وَمَا … يَنْأَى عَنِ الخَيْرِ مِنْهَا كُلُّ مُقْتَرِبِ

زَعِيمَةَ النَّهْضَةِ الكُبْرَى بَلَغْتِ بِهَا … مَا عَزَّ قَبْلَكِ أَنْ يُرْجَى مِنَ الأَرَبِ

لَمْ تَذْخَرِي دُونَهَا شَيْئَاً يُضَنُّ بِهِ … مِنْ طِيبِ عِيْشٍ وَمِنْ جَاهٍ وَمِنْ نَشَبِ

فَألْقَيْ ثَوَابَكِ فِي الجَنَاتِ نَاعِمَةً … مَنْ يُقْرِضِ اللهَ مَا اَقْرَضْتِهِ يُثَب

مُحَمَّدُ اسْلَمْ لِقَوْمٍ مِنْ مَفَاخِرِهِمْ … إِنْجَابُ مِثْلِكَ فِي الصُّيَابَة النُّجُبِ

جَلَّ الَّذِي أَكْمَلَ الأَخْلاَقَ فِيكَ بِمَا … زَكَا مِنَ النَّسَبِ الوَضَّاحِ وَالحَسَبِ

وَأَنْتِ يَا بُنَ دُومِي وَلْيَدُمْ بِكُمَا … مَجْدٌ إِلى خَيْرِ أُمٍّ يُعْتَزَى وَأَبِ

صُونِي اتِّحَاداً تَوَلَّتْهُ هُدَى فَغَدَا … قُطْباً لَهُ شَأْنُهُ فِي نَهْضَةِ العَرَبِ

وَمَا لِمِصْرَ وَلِلجَارَاتِ مِنْ صِلَةٍ … تُعِزُّهَا كَنِظَامِ الشَّمْسِ والشُّهُبِ