مَاذَا أَصَابَ أَبَاكَ الشَّيْخَ وَاحَرَبَا – خليل مطران

مَاذَا أَصَابَ أَبَاكَ الشَّيْخَ وَاحَرَبَا … وَكُنْتَ بَهْجَتَهُ فِي العَيْشِ والأَرَبَا

وَكَانَ فِي آجَرِ الأَيَّامِ مَطْمَعُهُ … أنْ تَسْتَدِيمَ لَهُ فِي قَوْمِهِ عَقَبَا

تَرَكْتَهُ وَالِهاً قَدْ أُرْعِشَتْ يَدُهُ … والقَلْبُ مُحْتَرَقٌ والْدَّمْعُ قَدْ نَضَبَا

يَنوءُ ثُكْلاً وَقَبْلَ الثُّكْلِ لاَ نَصَبَا … شَكَا وَإِنْ جُلَّ مَا يَلْقَى َلاَ وَصَبَا

هَذَا جَزَاؤُكَ يَا أَوْفَى … البَنِينَ لِمَنْ كَانَ الأَبَرُّ أَبَا

كَلاَّ وَلَكِنَّ حُكْماً لاَ مَرَدَّ لَهُ … شَجَا بَنِي الشَّرْقِ في النَّجْمِ الَّذِي غَرَبَا

وَلَيْسَ ذَنْبُكَ أَنَّ المَوْتَ مِنْ قِدَمٍ … يُعَاجِلُ النُّخُبَ الأَخْيَارَ وَالنُّجُبَا

أَنْطُونُ عُوجِلَ فِي شَرْخِ الشَّبَابِ فَهَلْ … فِي الرُّبْعِ أُنْسٌ وَأُنْسُ الرَّبْعِ قَدْ ذَهَبَا

قَدْ كَانَ مِنْ خَيْرِ فُتْيَانِ الحِمَى خُلُقاً … وَكَانَ مِنْ خَيْرِ فُتْيَانِ الحِمَى أَدَبَا

وَكَانَ فِي أَوْلِيَاءِ العَدْلِ مَفْخَرةً … لا يَلْتَوِي رُغْباً أَوْ يَنْثَنِي رَهَبَا

وَكَانَ نَجْدَةً دَاعيَةٍ بِلاَ مَهَلٍ … فِي نُصْرَةِ الحَقِّ هَانَ الأَمْرُ أَوْ صَعُبَا

وَكَانَ أَيْمَنَ مَنْ يَرْعَى لأُمَّتِهِ … عَهْداً إِذَا انْتَدَبَتْهُ أَوْ إِذَا انْتَدَبَا

وَكَانَ فِي مَوْقِفِ الفَخْرِ الجَدِيرِ بِهِ … مَا يَدَّعِي حَسَباً أَوْ يَدَّعِي نَسَبَا

أَلَيْسَ مُنْجِبُهُ ذَاكَ الكَفِيلَ بِمَا … يَكْفِي العُفَاةَ وَذَاكَ الْحَازِمُ الأَرَبَا

مَعَاهِدُ الْخَيْرِ لَنْ تَنْسَى لِجِرْجِسِهَا … مَا اسْتَوْهَبَ النَّاسَ لِلْحُسْنَى وَمَا وَهَبَا

بَنَى لَهُمْ بِمَسَاعِيهِ وَهِمَّتِهِ … مِنَ المَآثِرِ مَا يَقْضِي لَهُ عَجَبَا

يَسُومُهُ البِرُّ أَلْوَانَ الْعَنَاءِ فَمَا … يَبْهَى وَيَسْتَأنِفُ المَجْهُودَ مَا وَجَبَا

انْظُرْ إِلَى عُظَمَاءِ الْقَوْمِ فِي جَزَعٍ … كَأَنَّهُمْ سُلِبُوا الذُّخْرَ الَّذِي سُلِبَا

تَوَافَدُوا لِيُواسُوهُ بِأَحْسَنِ مَا … أَوْحَتْ مَحَامِدُهُ الأَشْعَارَ وَالخُطُبَا

يَا مَنْ نُعَزِّيهِ عَنْ فَقْدِ الْحَبِيبِ وَمَا … نَأى الحَبيبُ الذي مِنْ رَبِّهِ قَرُبا

أَيْنَ النَّعِيمُ بِجَنَّاتٍ مُخَلَّدَةٍ … مِنْ بُؤْسِ دُنْيَا يُعَانِي أَهْلُهَا الكَرَبَا

سُبْحَانَ مَنْ فِي مَدَارِ الْكَونِ يَشْهَدُنَا … فِيمَا يُصَرِّفُهُ الأَنْوارَ وَالسُّحُبَا

يَجْلُو الشُّموسَ وَيَطْوِيهَا بِقُدْرَتِهِ … وَفِي رِحَابِ عُلاهُ يَنْقُل الشُّهُبَا