من مبلغٌ عنّى وإن تعذَّرت – مهيار الديلمي

من مبلغٌ عنّى وإن تعذَّرت … عوفا وجارت بيَ في أحكامها

ومنعتني النَّصف وهو دينها … وبذلها من غير ما إعدامها

وطرحتْ بين منابذ الحصى … عهدي على المحفوظ من ذمامها

حيث اطمأنَّ الملكُ في قبابها … وضفت الدنيا على خيامها

وعلِّقتْ من أمرها ونهيها … بذروة العلياء أو سنامها

لاتتعدّى حكمها قبيلة ٌ … ولا نعدّيها إلى أحكامها

ألوكة ً إن سمع المجدُ بها … قام وكيلا ليَ في خصامها

وخجلتْ منها أسرّة ُ الندى … فردّت المحدورَ من لثامها

أبعدَ أن أرسلتها دوافعا … ينثالُ حشدُ السيل في ازدحامها

قاطعة ً بمدحكم عرضَ الفلا … بين مهاويها إلى آكامها

معلوطة ً بذكركم وسومها … في الخيل والإبل على وسامها

في سلمكم تتلى على كؤسكم … والحربِ بين بيضها ولامها

كلَّ لسانٌ أفصحت بشكره … أوابدُ القول على إعجامها

تسرُّكم وللعدا من غيظها … ما يؤلم الأطرافَ باصطلامها

لم يسمعوا لمجدكم بمثلها … في سالفِ الدنيا ولا قدّامها

تحسدكم فيها وتستغربها … ألسنة ٌ ما درنَ في كلامها

نبا بأيديكم مضاءُ حدّها … وطاش ما ريَّشتُ من سهامها

ورجعتْ قهقرة ً أبياتها … تبكي أياماها على أيتامها

أحللتم بغير مهرٍ بضعها … ظلما وإصرارا على حرامها

أبلغْ بما أرعتك من أسماعها … عطفا وما أولتك من أفهامها

فإن لوت صدّاً فقل لبحرها … والقمرِ المشتقِّ من غمامها

قف وسط ناديها فحيّ قائما … حبّا وإعظاما أبا قوامها

رسالة ً من كلفٍ بودّه … متيّمِ الأشواق مستهامها

راضٍ عن الإعراضِ والوصلِ به … وفي انطلاقِ الكف وانضمامها

وشاكرٍ ديمته إن مطرتْ … ليومها أو مطلتْ بعامها

عن ثقة ٍ أنّ حبالَ عهدهِ … لفاتلٍ لم يألُ في إبرامها

وأنه إن بسط الأيامَ لي … وعدا فللضّيقة واحتشامها

أو فاتت اليومَ نطافُ جوده … فلي غدا ما شئتُ من جمامها

وأنّ دينَ الشعر في ذمّته … شريعة ٌ يدين بالتزامها

أمّا حماه أسد وصيدها … فقد عرفتُ الشمّ من أعلامها

قمتُ لها مواقفا تبصرُ ما … تعدّه السيرة ُ من أيامها

وأبصرتْ ماخطَّ من أشياخها … بأسا وحلما منك في غلامها

إن وهبتْ كنتَ عبابَ بحرها … أو رهبتْ كنت شبا حسامها

أو طلبتْ في الجوّ بك غاية ً … جعلتها تحت ثرى أقدامها

طلعتَ شمسا لصباح مزيدٍ … وكوكبا يوقدُ في ظلامها

إن غمستْ في كرمٍ أيديها … حسرتَ والأكفُّ في أكمامها

أو قصُرتْ بوعُ قناها نطتها … بساعدٍ يذرع في تمامها

أو دفعتك حسداً عن سؤددٍ … وقطعتْ وصلتَ من أرحامها

إن مقاما حايدوك دونه … خامدة ٌ لا بدّ من ضِرامِها

إن قعدتْ عنك المقاديرُ بها … فهي التي تنهض في قيامها

ذخيرة ٌ عند غدٍ دولتها … صائرة ٌ منك إلى نظامها

هناك فاحفظني بما أسلفته … قوافيا أبليتُ في إحكامها

واضمن لما أهملتَ من حقوقها … غرامة ً تبردُ من غرامها

واشكر لها المحبوبَ من طروقها … في زمن المحلِ وفي إلمامها

ولا تكن حاشاك كمريقها … بالقاعِ لم يضبط قوى عصامها

تنكصه البطنة ُ فيما يرتعي … عن حومة العلياء واقتحامها

فانضح على ما خيّلتْ لهذه … ببلّة ٍ تنقع من أوامها

إن الكريم منْ قرى أضيافه … ما يسمعُ الإمكانُ من إكرامها