من عذيري يومَ شرقيّ الحمى – مهيار الديلمي
من عذيري يومَ شرقيّ الحمى … من هوى جدَّ بقلبٍ مزحا
نظرة ٌ عادت فعادت حسرة ً … قتلَ الرامي بها من جرحا
قلن يستطردن بي عينَ النقا … رجلٌ جنَّ وقد كان صحا
لا تعدْ إن عدتَ حيا بعدها … طارحا عينيك فينا مطرحا
قد تذوقتُ الهوى من قبلها … و أرى معذبهُ قد أملحا
سل طريق العيس من وادي الغضا … كيف أغسقتَ لنا رأدَ الضحى
ألشيءٍ غير ما جيراننا … نفضوا نجدا وحلوا الأبطحا
يا نسيم الصبح من كاظمة ٍ … شدّ ما هجت الجوى والبرحا
الصبا إن كان لا بدّ الصبا … إنها كانت لقلبي أروحا
يا نداماي بسلعٍ هل أرى … ذلك المغبقَ والمصطحبا
اذكرونا ذكرنا عهدكمُ … ربَّ ذكرى قربتْ من نزحا
و اذكروا صبا إذا غنى َّ بكم … شربَ الدمعَ وعاف القدحا
رجع العاذلُ عني آيسا … من فؤادي فيكمُ أن يفلحا
لو درى لا حملتْ ناجية ٌ … رحلهُ فيمن لحاني ما لحا
قد شربتُ الصبرَ عنكم مكرها … و تبعتُ السقم فيكم مسمحا
و عرفتُ الهمَّ من بعدكمُ … فكأني ما عرفتُ الفرحا
ما لساري اللهوِ في ليل الصبا … ضلَّ في فجرٍ برأسي وضحا
ما سمعنا بالسرى من قبله … بابن ليلٍ ساءه أن يصبحا
طارقٌ زارَ وما أنذرنا … مرغيا بكرا ولا مستنبحا
صوحتْ ريحانة ُ العيشِ به … فمن الراعي نباتا صوحا
أنكرتْ تبديلَ أحوالي ومن … صحب الدنيا على ما اقترحا
شدَّ ما منيَّ غرورا نفسه … تاجرُ الآدابِ في أن يربحا
أبدا تبصرُ حظا ناقصا … حيثما تبصرُ فضلا رجحا
و المنى َ والظنُّ بابٌ أبدا … تغلق الأيدي إذا ما فتحا
قد خبرتُ الناسَ خبري شيمي … بخلاء وتسموا سمحا
و تولجتُ على أخلاقهم … داخلا بين عصاها واللحا
و بعثتُ الماءَ من صمَّ الصفا … قبلَ أن أبعثَ ظنا منجحا
يشتهون المالَ أن يبقيَ لهم … فلماذا يشتهون المدحا
يفصح اللحانُ بالجودِ وهمْ … فرطَ بخلٍ يعجمون الفصحا
جرتِ الحسنى غلاما ماجدا … لم يطع في الجود إلا النصحا
طولوا في حلبة ِ المجدِ له … فمضى يتبعُ رأسا جمحا
منجباً من آل إسماعيل لم … يروِ في الأخلاقِ إلا الملحا
كيفما طارتْ عيافاتُ الندى … حوله طرنَ يمينا سنحا
لا يبالي أيَّ زندٍ أصلدتْ … من أتى راحته مقتدحا
كلما ضاقت يدُ الغيثِ بما … ملكتْ جاودها منفسحا
لربيب النعمة ِ اجتابَ الدجى … خابطٌ ينفضي قلاصا طلحا
حملَ الهمَّ وقد أثقله … جلدة َ العظمِ أمونا سرحا
توسعُ البيداءَ ظهرا خاشعا … في يدِ السير ورأسا مرحا
لا تبالي ما قضت حاجتها … ما دمي من خفها أو قرحا
حملتْ أوعية َ الشكرِ له … و انثنت تحملُ منه المنحا
أحرز الفضلَ طريفا تالدا … و المعالي خاتما مفتتحا
و جرى يقصُّ من آياته … أثرَ المجدِ طريقا وضحا
نسبٌ كيف ترامت نحوه … أعينُ الفخر أصابت مسرحا
أملسُ الصفحة ِ لم تعلقَ به … غمزة ٌ من قادحٍ ما قدحا
عود البدرَ وقد قابله … غرة ً بات بها مستصبحا
و رآه البحرُ أوفى َ جمة ً … منه بالنائل لما طفحا
و تسامت أعينُ الشعر إلى … أن يكونَ السامعَ الممتدحا
لم تجدِ أبكارهُ أو عونهُ … عنك في خطابها منتدحا
غير حراتٍ أراها مهملا … حقها عندكمُ مطرحا
كم ترى أن يصبرِ الشعرُ على … أن تهينوا مثلها أو يصفحا
أنتم استنزلتمُ عنها يدي … يعد ما عز بها أن أسمحا
و رغبتم في علا أنسابها … و كرامٍ من ذويها صلحا
و أرى مطلكمُ في مهرها … دام والمهرُ على من نكحا
وثقَ الشعرُ بكم واتصلتْ … غفلة ٌ تخجله فافتضحا
فاعذروه إن أتى مقتضيا … فلقد أنظركم ما صلحا
و مضى حولٌ على حولٍ ولم … ينتج الوعد الذي قد ألقحا
اذكروه مثلَ ما يذكركم … محسنا واستقبحوا ما استقبحا
و اعلموا أنّ قليبَ الشكرِ إن … هو لم يمددْ برفدٍ نزحا
و اصبحوا أيامكم واستخدموا … في المعالي هجنها والصرحا
بين نيروزٍ وعيدٍ أمسيا … رائديْ إقبالكم أو اصحبا
تكمهُ الأحداثُ عنكم إن أرى … طرفها غيركمُ أو المحا