مضناك جفاهُ مرقده – أحمد شوقي
مُضناك جفاهُ مَرْقَدُه … وبكاه ورَحَّمَ عُوَّدُهُ
حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ … مقروح الجفنِ مسهَّدُه
أودى حرفاً إلا رمقاً … يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ
يستهوي الوُرْق تأوُّهه … ويذيب الصخرَ تنهُّدهُ
ويناجي النجمَ ويُتعبه … ويُقيم الليلَ ويُقْعِدهُ
ويعلم كلَّ مُطوَّقة ٍ … شجناً في الدَّوحِ تُردِّدهُ
كم مدّ لِطَيْفِكَ من شَرَكٍ … وتأدّب لا يتصيَّدهُ
فعساك بغُمْضٍ مُسعِفهُ … ولعلّ خيالك مُسعِدهُ
الحسنُ حَلَفْتُ بيُوسُفِهِ … والسُّورَة ِ إنك مُفرَدهُ
قد وَدَّ جمالك أو قبساً … حوراءُ الخُلْدِ وأَمْرَدُه
وتمنَّت كلٌّ مُقطَّعة ٍ … يدَها لو تُبْعَث تَشهدُهُ
جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي … أكذلك خدُّك يَجْحَدُه؟
قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا … فأشرت لخدِّك أشهده
وهممتُ بجيدِك أشرَكُه … فأبى ، واستكبر أصيَدُه
وهزَزْتُ قَوَامَك أَعْطِفهُ … فَنَبا، وتمنَّع أَمْلَدُه
سببٌ لرضاك أُمَهِّده … ما بالُ الخصْرِ يُعَقِّدُه؟
بيني في الحبِّ وبينك ما … لا يَقْدِرُ واشٍ يُفْسِدُه
ما بالُ العاذِلِ يَفتح لي … بابَ السُّلْوانِ وأُوصِدُه؟
ويقول : تكاد تجنُّ به … فأَقول: وأُوشِكُ أَعْبُده
مَوْلايَ ورُوحِي في يَدِه … قد ضَيَّعها سَلِمتْ يَدُه
ناقوسُ القلبِ يدقُّ لهُ … وحنايا الأَضْلُعِ مَعْبَدُه
قسماً بثنايا لؤلُئِها … قسم الياقوت منضده
ورضابٍ يوعدُ كوثرهُ … مَقتولُ العِشقِ ومُشْهَدُه
وبخالٍ كاد يحجُّ له … لو كان يقبَّل أسوده
وقَوامٍ يَرْوي الغُصْنُ له … نَسَباً، والرُّمْحُ يُفَنِّدُه
وبخصرٍ أوهَنَ مِنْ جَلَدِي … وعَوَادِي الهجر تُبدِّدُه
ما خنت هواك ، ولا خطرتْ … سلوى بالقلب تبرده