مرّت الأيام والروح الحزين – زكي مبارك
مرّت الأيام والروح الحزين … هائم الآمال يرجو كرمَك
كل يوم من جفاكم بسنين … ليتني أعرف ماذا شغلك
في طريقي حين أغدو أو أروح … أوجهٌ لمّاحة الحسن وضاء
هي عندي منك يا ظلام روح … تأمر القلب وتنهى ما تشاء
بلبل في حلقك الشادي ينوح … آه من حلقك آها ثم آه
فتنةٌ من لحظك الساجي تلوح … آه من لحظك آها ثم آه
ما الذي تصنع هاتيك العيون … ما الذي تصنع ماذا تصنع
لك عينٌ هي سحر وفتون … يرجع الصب إليها يرجع
ليتني أعرف أسباب الصدود … من حبيب نافر القلب شرود
لا الجوى يخبو ولا الصبر يعود … الهوى بلواي في هذا الوجود
كدت باللوعة والوجد أبوح … فأداوى ما بروحي من جروح
طائر الشوق بأضلاعي يصيح … طال عهد البعد من ذاك المليح
طالت الأيام طال البعد طال … منذ يومين وعيني لا تراك
اقتصد يا حلو في هذا الدلال … وتعال انظر عنائي من نواك
طالت بنا الأيام … طالت بنا طالت
هامت بنا الأحلام … هامت بنا هامت
لا تنس يا روح أيام الثلاثاء … يا فاطر الحب في يوم الثلاثاء
لا تنس يا روح أحلام الثلاثاء … يا فاطر الشعر في يوم الثلاثاء
ما قصة النونتين … في خدك الباهر
ما قصة اللمعتين … من جفنك الساحر
وما يد لبديع الشعر موحيةٌ … كطلعة البدر في أعقاب أدجان
يد أناملها من رقة خلقت … كأنها الزهر في أيام نيسان
أرنو إلى نورها حينا فيبهرني … ويفضح السر من مكنون كتماني
سبحان بارئها سبحان فاطرها … نورا يؤجج أشواقي واشجاني
أسائلٌ عني أسائلٌ أنتَ … الهمس بالتليفون يقول من أنت
لا تخف صوتك عني إن نبرته … معروفةٌ لفؤادي قبل آذاني
كنّا معا بالأمس … كنا معاً كنا
لا تنس ليل الأمس … في ظله عشنا
على العتاب تنادمنا وكان لنا … من التعاتب أكواب وندمان
نقول ما نشتهي والليل منشرح … لصفونا ناعس الأجفان جذلان
لم يعرف الليل قبل الأمس أن يدا … تحنو عليه فيمسي وهو نشوان
ترنو النجوم إلينا وهي مصغية … لأنجم الليل أجفان وآذانُ
أأنت الذي جاذبت بالأمس روحهُ … ويمناي تطويه بعنفٍ وتفتكُ
أأنت أجب إني لروحك حاضرٌ … وإني بأمر الحب والشعر أملك
ما هذه الأحلام … ما ذلك الوجد
إن الهوى أحلام … في روضها أشدو
تذكرت أني قد ضممتك ضمة … وأنك من يمناي قد كدت تهلك
من صنع من أنت … تبارك الخالق
حبّيك من رزقي … تبارك الرازق
إذا لمعت عيناك ثار متيّمٌ … بعينيه يبكي وهو بالروح يضحك
من أنت لا أدري … وأنت هل تدري
كتمت الهوى عني وعنك صيانة … لروح به روحي يثور فيسفك
إني على الكتمان … يا فاتني قادر
لا تنكر الكتمان … إني به آسر
لو بحت باسمك ثار الكون أجمعه … مطالباً بدمي في روحك الغالي
لا تنس أنا التقينا … أنحن كنا التقينا
سارت بنا العربه … عند انتصاف الليل
وأنت في حضنى … تشكو الجوى والليل
الليل نحن صنعناه لغايتنا … والليل في شرعة الأهواء كتمانُ
تشكو لأني أحبك … أشدو لأني أحبك
الظلم مني محبوب ولا عجبٌ … إني لكل جميل الوجه ظلّام
الحسنُ عندك وحدك … والحب عندي وحدي
والحسن للحب عبدٌ … فأنت يا روح عبدي
حاول نجاتك مني إنني بطلٌ … يغزو الجمال بأنغام وألحانٍ
ما ذلك الوجه … إني عليه أحوم
أبيت في الليل أشكو … من قسوة الكتمان
وأنت في الليل تشكو … من لذعة الحرمان
أأنت تجهل أني عاشق كلفٌ … كتمانه لضمير الوجد إعلان
بالصمت أعلن سرى … بالصمت تعلن سرّك
والسر في الحب جهرٌ … فاكتم على الصب جهرك
لا تقل إنني محب فإني … لست أهلاً لروض هذا الجمال
إن النجوم تغار … من لطف هذا السرار
تغار منا ومن أقباس لوعتنا … إن العذول من الأحباب غيرانُ
ما ليلةُ الأمس هل طالت وأنت بها … في خاطر الشاعر الفتاك شيطان
تلهو وتلعب لا تدري مدى شغفي … برائع وجهه راح وريحان
مرخّم الصوت مبحوح لوافظهُ … في مسمع العاشق المشتاق ألحان
روح من الروح لو أصغى الوجود له … في طلعة الفجر أضحى وهو فنّان
يوم الثلاثاء ناديه وملعبه … وللمواقيت أرواح وأبدان
إذا تجلّى فثارت منه بادرةٌ … تبسّم الروح مني وهو غضبان
أغاضبٌ أنت لا تغضب فإن يدي … تأسو وتجرح والأشواق ألوان
صورة باكيه … أهذه صورتك
لحظة شاكيه … أهذه لحظتك
أنا واف بما وعدت فدعني … أنثر الروح في طريقك دعني
أبكاءٌ أأنت تبكي لأني … لم أبح بالذي تكتمت عني
هوايَ لا تعرف الأقدار مصدره … إن الفتى الحر للأسرار كتّام
هوايَ ما أمره إني لأحسبه … طيفا تجود به في النوم أحلام
ما هذه الصحراء … بأرض مصر الجديده
يطول فيها الشتاء … على المغاني البعيده
أني لأدفىء روحي حين أذكركم … والدفء بالوجد فوق الدفء بالنار
أعالمٌ أنت … بمحنتي في هواك
اشاعر أنت … بكربتي من جفاك
يومانِ أو أيام … يومان أو أعوام
ما هذه أوهام … ما هذه أحلام
إني لبعدك في يومين قد صنعت … بي الصبابة ما لا يصنع القدر
ما هذه الصوره … ما هذه الصوره
وجهٌ هو الحسن في لألاء طلعته … خدٌّ به النحل ترجو شهر آذار
وجه غريم لروحي إنه قبس … من لوعتي وصباباتي وأشعاري
خدّ إذا ذقته بالوهم ثار دمي … بلاعج من سعير الوجد قهار
أصبو إلى طلعة لو ساورت جبلاً … لصيرته تراباً فوق أحجار
يا فوق ما تشتهي روحي تعال تجد … روحي لروحك تشكو غربة الدار
لا تطل هجرك يا هذا الغزال … إنني أغزوك بالشعر الحلال
الجفاء العمد يا هذا الغزال … هو في شرعية الحب وصال
ما أنت مني بعيد … يا أكحل العينين
ما أنت مني بعيد … يا أرخم اللحنين
أنا الشقيّ السعيد … باللحن والجفنين
أنا الغريم الصيود … بالشعر والعينين
لم أدر ما أمرُك … لم تدر ما أمري
وحي الصبا شعرك … وحي الهوى شعري
يا تحفةً من عيون … يا زفرة من شجون
يا آسراً أنا سابيه وآسرهُ … بجاحم من سعير الوجد وهّاج
غدائرٌ مرسلات … بهن طال هيامي
وأعين حالمات … بهن ثار غرامي
إني أحبك حبا لو فطنت له … لطرت تسأل عن حالي وأحوالي
نسيت روض المعاني في أزاهره … وأنت وحدك يا محبوب في بالي
صورةٌ شاكيه … صورةٌ باكيه
صورة لاعبه … صورةٌ لا هية
ما هذه الأحوال … ما هذه الألوان
الطفل أنت وللأطفال موهبةٌ … فالطفل يبكي بدمع وهو فرحان
فتّش جيوبي فتش … يا أيها الطفل
ومن رحيقي فارشف … يا أيها النحل
ميسيّه قال كلاما أنت تعرفه … بالروح والطفل بالأرواح علّام
ميسيه من حزنه قد مات وا أسفى … على قريب له بالشعر أرحامُ
ومن أنا حتى أسكب الشعر دمعة … يجود بها روح بحبك يهتف
أجرني أجر قلبا بحبك مغرما … على وتر الوجدان والروح يعزف