مرتْ لياليها ولما ترجعِ – مصطفى صادق الرافعي
مرتْ لياليها ولما ترجعِ … فالعينُ إن هجعَ السُّها لم تهجعِ
أيامَ تهتفُ بي المهى ويغرنَ إن … ذكروا حنيني للغزال الأتلع
وأرى تحيتهنَّ في جيب الصِّبا … وسلامهنَّ مع البروق اللمَّعِ
زمنٌ به كان الزمانُ يهابني … وحوادثُ الأيامِ ترهبُ موضعي
ينظرن مني قيصراً في قصره … ويخفنَ من همي عزيمةَ تبَّعِ
في حين لا العبرات تكلُم أعيني … حزناً ولا النيرانَ تكوي أضلعي
يجري الهوى طرباً على آثارها … مشيَ الجآذرِ للغدير المترعِ
ظمآن لا ترويه إلا عبرةٌ … أو مهجة هطلت بجنبي مولعِ
حسبوهُ غصناً في الثيابِ وزهرةً … تحت القميصِ ووردةً في البرقعِ
أمسيت من آماله في ليلةٍ … ضلَّ الصباحُ بها طريقَ المطلعِ
تشكو نجوم الليلِ أني رعتُها … ومتى تروعُ أنة المتوجعِ
وكأنها إذ أحدقتْ في جانبي … حسبتْ هلال سمائِها في مضجعي
غرٌ كمحمود السريرةِ إن دعا … زهراً كغرتهِ المضيئةِ إن دعِي
لو أنصفوها لاستبانوا أنها … حباتُ ذياكَ القريضِ المبدعِ
عرفوا بهِ شعرَ الفحولِ وأهلهُ … وسجيةُ المطبوعِ والمتطبعِ
فلو أن عَمْراً أسمعوهُ حماسةً … لحما بهِ الصمصامُ إن لم يقطعِ
أو أنشدوا المجنون بعضَ نسيبهِ … لنسي بهِ ليلى فلمْ يتفجعِ
لم أتلُ يوماً آيةً من آية … إلا حسبتُ الكون يتلوها معي
وأراهُ أحيا للبلاغةِ دولةً … مات ابن بردٍ دونها والأصمعي
وأبيكَ لولا مكرمات بيانهِ … ما كانَ في إحيائها من مطمعِ