مدرسة الحياة – عبدالله البردوني

ماذا يريد المرء ما يشفيه … يحسو روا الدنيا و لا يرويه

و يسير في نور الحياة و قلبه … ينساب بين ضلالة و التيه

و المرء لا تشقيه إلاّ نفسه … حاشى الحياة بأنّها تشقيه

ما أجهل الإنسان يضني بعضه … بعضا و يشكو كلّ ما يضنيه

و يظنّ أن عدوّه في غيره … و عدوّه يمسي و يضحي فيه

غرّ و يدمي قلبه من قلبه … و يقول : إن غرامه يدميه

غرّ و كم يسعى ليروي قلبه … بهنا الحياة و سعيه يظميه

يرمي به الحزن المرير إلى الهنا … حتّى يعود هناؤه يرزيه

و لكم يسيء المرء ما قد سرّه … قبلا و يضحكه الذي يبكيه

ما أبلغ الدنيا و أبلغ درسها … و أجلّها و أجلّ ما تلقيه

و من الحياة مدارس و ملاعب … أيّ الفنون يريد أن تحويه

بعض النفوس من الأنام بهائم … لبست جلود الناس للتمويه

كم آدمي لا يعدّ من الورى … إلاّ بشكل الجسم و التشبيه

يصبو فيحتسب الحياة صبيّة … و شعوره الطفل الذي يصبيه

قم يا صريع الوهم واسأل بالنهى … ما قيمة الإنسان ما يعليه

واسمع تحدّثك الحياة فإنّها … أستاذة التأديب و التّفقيه

وانصب فمدرسة الحياة بليغة … تملي الدروس و جلّ ما تمليه

سلها و إن صمتت فصمت جلالها … أجلى من التصريح و التنويه