مدادُكِ في ثغرِ الزمانِ رضابُ – مصطفى صادق الرافعي

مدادُكِ في ثغرِ الزمانِ رضابُ … وخطكِ في كلتا يديهِ خضابُ

وكفُّكِ في مثلِ البدرِ قد لاحَ نصفهُ … فلا بدعَ في أنّ اليراعَ شهابُ

كلحظكِ أو أمضى وإن كانَ آسيا … جراحَ اللواتي ما لهنَّ قرابُ

يمجُّ كمثلِ الشهدِ مجتهُ نحلةٌ … وإن لم يكن فيما يمجُّ شرابُ

ويكتبُ ما يحكي العيونَ ملاحةً … وما السحرُ إلا مقلةٌ وكتابُ

فدونكِ عيني فاستمدي سوادها … وهذا فؤادٌ طاهرٌ وشبابُ

أرى الكفَّ من فوقِ اليراعِ حمامةً … وتحتَ جناحيها يطيرُ غرابُ

كأنَّ أديمَ الليل طرسٌ كتبتهِ … وفيهِ تباشيرُ الصباحِ عتابُ

كأنَّ جبينَ الفجرِ كانَ صحيفةً … كأنَّ سطورَ الخطِّ فيهِ ضبابُ

كأنَّ وميضَ البرقِ معنىً قدحتهِ … كأنَ التماعَ الأفقِ فيهِ صوابُ

كأنكِ إما تنظري في كتابةٍ … ذكاءٌ وأوراقُ الكتابِ سحابُ

أراكِ ترجينَ الذي لستِ أهلهُ … وما كلُّ علمٍ إبرةٌ وثيابُ

كفى الزهرَ ما تندَّى بهِ راحةُ الصبا … وهل للندى بينَ السيولِ حسابُ

وما أحمقَ الشاةَ استغرتْ بظلفها … إذا حسبتْ أنّ الشياهَ ذئابُ

فحسبكِ نبلاً قالة الناسِ أنجبتْ … وحسبكِ فخراً أن يصونكِ بابُ

لكِ القلبُ من زوجٍ ووُلدٍ ووالدٍ … وملكُ جميع العالمينَ رقابُ

ولم تخلقي إلا نعيماً لبائسٍ … فمن ذا رأى أن النعيمَ عذابُ

دعي عنكِ قوماً زاحمتهم نساءُهم … فكانوا كما حفَّ الشرابُ ذبابُ

تساووا فهذا بينهم مثلَ هذهِ … وسيَانَ معنىً يافعٌ وكعابُ

وما عجبي أنَّ النساءَ ترجّلتْ … ولكنَّ تأنيثَ الرجالِ عجابُ