ما للدُّسوتِ وللسّروج تسائلُ – مهيار الديلمي

ما للدُّسوتِ وللسّروج تسائلُ … من قائمٌ عنهنّ أو من نازلُ

لمَ سدَّ بابُ الملك وهو مواكبٌ … وخلتْ مجالسه وهنَّ محافلُ

ما للجياد صوافنا وصوامتا … نكساً وهنّ سوابقٌ وصواهلُ

من قطَّر الشجعانَ عن صهواتها … وهمُ بها تحت الرماح أجادلُ

ما للسماء عليلة ٌ أنوارها … لمنَ السماء من الكواكب ثاكلُ

من لجلج الناعي يحدِّث أنه … أودى فقيل أقائلٌ أم قاتلُ

المجد في جدثٍ ثوى أم كوكبُ ال … دّنيا هوى أم ركن ضبَّة مائلُ

ما كنتُ فيه خائفا أن الردى … من عزِّ جانبهِ إليه واصلُ

أدرى الحمام بمن وأقسم ما درى … تلتفُّ كفَّاتٌ له وحبائلُ

خطبٌ أخلَّ الدهرُ فيه بعقلهِ … والدهرُ في بعض المواطنِ جاهلُ

يا غيثُ أرضى الأرض سقيا واحتبى … بالروض يشكره المحلُّ الماحلُ

ينهلُّ منحلَّ المزادة موقنا … أنّ الثرى الظمآن منه ناهلُ

يسمُ الصخورَ كأنّ كلَ مجودة ٍ … لحظَ العليقَ بها حصانٌ ناعلُ

تمريه غبراءُ الإهاب كأنما … قادت خزائمها النّعام الجافلُ

حلفتْ لأفواهِ الربى أخلافُها … أيمانَ صدقٍ أنهنَّ حوافلُ

وليت سيوفُ البرق قطع عروقها … فبكلِّ فجٍّ شاريانٌ سائلُ

أبلغ أبا العباس أنك فاحصٌ … حتى تبلَّ جوى ثراه فواغلُ

منى وأطباقُ الصعيد حجابهُ … عني فكيفَ تخاطبٌ وتراسلُ

سعدت جنادلُ ألحفتك على البلى … لا مثلَ ما شقيتْ عليك جنادلُ

أبكيك لي ولمرملين بنوهم ال … أيتامُ بعدك والنساءُ أراملُ

ولمستجيرٍ والخطوبُ تنوشه … مستطعمٌ والدهر فيه آكلُ

متلوّم العزماتِ لا هو قاطنٌ … في داره قفراً ولا هو راحلُ

أودى به التِّطوافُ ينشدُ ناصرا … فيضلّ أن يلقاه إلا خاذلُ

حتى إذا الإقبال منك دنا به … أنساه عندك عامُ بؤسٍ قابلُ

ولمعشرٍ طرقُ العلوم ذنوبهم … في الناس وهي لهم إليك وسائلُ

كانوا عن الطلب الذليل بمعزلٍ … ثقة ً وأنت بما كفاهم كافلُ

قطعَ الجدا بهم وقد قطع الردى … بك أن يُظنَّ تزاوُرٌ وتواصلُ

وعصائب هي إن ركبت مواكبٌ … تسعُ العيونُ وإن غضبتَ جحافلُ

تفري بأذرعها الكعوبُ كأنّها … تحت الرماح على الرماح عواملُ

لو كان في ثعلٍ بموتك ثأرها … ما عاش من ثعلٍ عليكَ مناضلُ

نكروا حلومَك والمنونُ تسوقها … حقّا وأنت مدافعٌ متثاقلُ

قعد البعيدُ وقام عنك متاركا … ما جاء يقضيك القريبُ الواصلُ

ولجَ الحمامُ إليك بابا ماشكا … غيرَ الزحامِ عليك فيه داخلُ

مستبشرا بالوفد لم يجبهْ به … ردّ ولم يُنهرْ عليه سائلُ

لم يغنك الكرمُ العتيدُ ولا حمى … عنك السماحُ ولا كفاك النائلُ

كنت الذي مرُّ الزمان وحلوهُ … فيمن يصابر عيشه ويعاسلُ

فغدوتَ ما لك في عدوّك حيلة ٌ … تغنى ولا لك من صديقك طائلُ

والموتُ أجورُ حاكمٍ وكأنه … في الناس قسما بالسويّة عادلُ

لا اغترّ بعدك بالحياة مجرّبٌ … عرفَ الحقوقَ فلم يرقهْ الباطلُ

يا ثاويا لم تقض حقَّ مصابه … كبدٌ محرَّقة وجفنٌ هاملُ

أفديك لو أن الردى بك قابل … من مهجتي وذويَّ ما أنا باذلُ

ما بال أوقاتي بفقدك هجَّرتْ … ولقد تكون لديك وهي أصائلُ

قد كنتُ ملتحفاً بمدحك حلَّة ً … فخراً تجرُّ لها عليَّ ذلاذلُ

فاليوم أشكرك الصنيعَ مراثياً … خرسَ المشبِّبُ عندها والغازلُ

تصف الغليل بناتها أبياتها ال … أيتامُ وهي عليك أمٌّ ثاكلُ

مما طربتَ له الطويلَ وشاغلٌ … عنه يسدّ اليومَ سمعك شاغلُ

هل يُرضينَّك جهدُ ما أنا قائل … إذ لا غناءَ بجهد ما أنا فاعلُ

يا ليثُ لا يبعدْ حماك وإن خلا … منك العرينُ فإن شبلك باسلُ

لكفاك يحفظ ما بنيت من العلا … سامٍ إلى غاياتها متطاولُ

يقظانُ تعرف فيه مبتدئاً كما … قال ابن حجرٍ من أبيه شمائلُ

طبْ في الثرى نفساً فوفدك حوله … زمرَ الثناءِ وربعُ مجدك آهلُ

لا تحسبنَّ وسعدٌ ابنك طالعٌ … يحتلّ برجك أن سعدك آفلُ

ما أنكر الزوَّارُ بعدك وجهه … في البدر من شمس النهار مخايلُ

أجمل له يا سعدُ واحمل وزره … ما طال باعٌ أو أطاعك كاهلُ

وأنا الذي يرضيك فيه باكيا … ويسرُّه بك في الذي هو قائلُ

موليكما الشكرَ الذي لا لفظُهُ … خلقٌ ولا معناه رثٌّ حائلُ

يتشاهدون له بأنْ ما فيه لي … يومَ المقالِ مناسبٌ ومساجلُ

بان المصيبُ من المريب وكُشِّفتْ … شبهٌ وقام على الصباح دلائلُ

والشعرُ أصلفُ أن تغازلَ عذرة … فيه فتخجلَ أو تساحرَ بابلُ