ما أنتِ بعد البين من أوطاني – مهيار الديلمي

ما أنتِ بعد البين من أوطاني … دارَ الهوى والدارُ بالجيرانِ

كنتِ المنى من قبل طارقة ِ النوى … والشملُ شملي والزمانُ زماني

ولئن خلوتِ فليس أوّل حادثٍ … خلت الكناسُ له من الغزلانِ

طربُ الحمامِ بطبعهنّ وإنما اس … تملين فيكِ النوحَ من أحزاني

أمخيّمون على اللوى من عالج … أم لاحقون الماء في ماوانِ

دعهم وقلبي ما وفوا بضمانه … ودع البكاء لهم يفي بضمانِ

رحلوا بأحلامي فقلتُ لمقلتي … إن النهى حجرٌ على الأجفانِ

بيضاءُ في الغادين يومي أسودٌ … من بعدها وبكاي أحمرُ قاني

عطف الفؤادَ على الحدائق أنها … خلعتْ تعطُّفها على الأغصانِ

يا شمسُ طال الليل بعد فراقها … طال الصباحُ وأنتِ في الأظعانِ

إن النميرَ لواردي فتعلّما … يا صاحبيَّ من الذي تردانِ

يتعاورُ الحسَّادُ أخذي طائعا … بيدٍ لحقِّ الله من شيطاني

هي فطرة ٌ مازلتُ من ثقتي بها … قدما أشمُّ العزَّ من أرداني

وقناعة ٌ بالعفو تؤذن أنها … للفضل إن الحرص للنقصانِ

ما ضرَّ من أفقرتُ فيه خواطري … وهو الغنيّ لو أنه أغناني

ليت البخيل القابلي والباخسي … حقِّي كما هو مانعي ياباني

ما سرَّني منه وفي أفعالهِ … سخطُ المكارم أنه يرضاني

لا شيءَ في ميزان شعري عنده … وأخفّ شيء في الجدا ميزاني

في الناس من يرضى بجبن يمينه … إن عدّ يومَ الرَّوع غيرَ جبانِ

ولقد تكون يدُ الكميِّ قصيرة ً … بالبخل وهي مع السماح يدانِ

كثرُ الحديثُ عن الكرام وكلُّ من … جرّبتُ ألفاظٌ بغير معاني

إلا بسعدٍ من تنبّه للعلا … هيهات نوَّمهمُ من اليقظانِ

مهلا بني الحسد الدخيلِ فإنها … لا تدرك العلياءُ بالأضغانِ

سعد بن أحمد أبيضٌ من أبيضٍ … في المجد فانتسبوا بني الألوانِ

بين الجبال الصُّمِّ بحرٌ ثامنٌ … يحوى جلامدها وبدرٌ ثاني

من معشرٍ سبقوا إلى حاجاتهم … شوطَ الرياح وقد جرتْ لرهانِ

قوم إذا وزروا الملوك برأيهم … أمرتْ عمائمهم على التيجانِ

ضربوا بمدرجة السبيلِ قبابهم … يتقارعون بها على الضِّيفانِ

ويكاد موقدهم يجود بنفسه … حبَّ القِرى حطباً على النيرانِ

أبناء ضبَّة َ واسعون وفي الرغى … يتضايقون تضايق الأسنانِ

يا راكبا زُهرُ الكواكب قصدُه … قرِّب لعلّك عندها تلقاني

قف نادِ يا سعدَ الملوك رسالة ً … من عبدك القاصي بحبٍّ داني

غالطتُ شوقي فيك قبلَ لقائنا … والقربُ ظنٌّ والمزارُ أماني

حتى إذا ما الوصل أطفأ غُلَّتي … بك كان أعطشَ لي من الهجرانِ

ولربَّ وجدِ تواصفٍ ناهضته … وضعفتُ لما صار وجدَ عيانِ

ولقد عكستَ عليّ ذاك لأنني … كنتُ الحبيبَ إليك قبلَ تراني

ومن العجائب والزمانُ ملوَّنٌ … أن الدنوَّ هو الذي أقصاني

خُبِّرتكم تتناقلون محاسني … قبلَ اللقاء تناقل الرَّيحانِ

حتى اغتررتُ فزرتكم وكأنني … كلٌّ طرقتُ بمنكبيْ ثهلان

وعرائسٍ لك عذرُها مهجورة … من عاتقٍ أهديتها وعوانِ

ما أُنشِدتْ كانت أشدَّ تعلُّقا … أبدا من الأقراط بالآذانِ

لو أنصفتْ لازداد ضِعفا حسنها … ما أجلبَ الإحسانَ للإحسانِ

فتلافينْ فرطَ الجفاء فبعد ما … بلَّتْ ربايَ إذ السحابُ جفاني

جدْ غائبا لي مثل جودك حاضرا … إني أراك على البعاد تراني