مالك لا تطرب يا حادي النَّعمْ – مهيار الديلمي
مالك لا تطرب يا حادي النَّعمْ … أما سمعتَ قولَ خنساءَ نعم
أصخرة ٌ قلبك أم أنت عصاً … لا تنثني أم بك وقرٌ من صممْ
عدْ برذاياك الطِّلاحِ بدّنا … وراخ من حبلها وارعَ ونمْ
قد أنستْ خنساءُ شيئا وارعوى … نفارها ووصلتْ بعد الصَّرمْ
وقد تحدَّثنا على كاظمة ٍ … بنافثِ السحرِ حديثَ ذي سلمْ
تذكرة ً من الهوى وسرّهِ … نامَ العدا ونمّ عنها ما كتمْ
وليلة ٍ صابحة ٍ ما تركتْ … يقظتها للعين حظّاً في الحلمْ
بتنا نغنِّي بالعتاب ووفتْ … بسكرنا أوعية ُ العذبِ الشَّبمْ
وسفرتْ عن الوفاء أوجهٌ … نواعمٌ بالغدرِ كانت تلتثمْ
يا حبذا ليلُ الغضا وطوله … تمّت لنا أقماره ولم تتمْ
وخلسٌ من لذَّة ٍ ما نقعت … كلَّ الصدى ولا شفت كلَّ القرمْ
من لي بيومِ الوصل أو ساعته … لو دام لي بحاجرٍ ما لم يدم
أبارقٌ على الحمى أم شارقٌ … أم شمتَ من صبابتي ما لم تشمْ
يا صاحبي لو شئتَ لعلمتَ لي … منْ موقدُ النار على رأسي العلمْ
وهل أثيلات الغضا كعهدنا … ظلائلٌ تضفو وسوقٌ تلتحمْ
أنتَ ابنُ عزم الليل إن صحبتني … على تباريح الكلالِ والسأمْ
وإن ركبتَ خطر البيد معي … ركوبَ من لا يستشير إن عزمْ
كم القعودُ تحت أدراج الأذى … فرصة َ من ضام ونهبَ من ظلمْ
تعدُّ كلّ راحة ٍ قناعة ً … وفي القنوع راحة ٌ ما لم تضمْ
اهجمْ على الأمر إذا اتقيته … وقم إذا قالت لك العلياءُ قمْ
ولا تقلِّم ظفريك رابضا … إن الليوثَ أسراءُ في الأجمْ
إن لؤم الشّقّ الذي تحلُّه … فملْ إلى شقّ الوفاء والكرمْ
قد وضح الفجرُ فأيّ عذرة ٍ … لابن السّرى في خبط عشواءِ الظُّلمْ
وعدلتْ كفُّ أبي القاسم في ال … جود لا تحفل بجور من قسمْ
بالصاحب استذرت إلى ظلالها … شتائتُ الفضل وشذَّان الكلمِ
ونشلَ المجدُ التليدُ نفسه … منتصرا من كفّ كلِّ مهتضمْ
وقرَّ كلُّ قلقٍ لرزقه … وقام ميت الجود من تحت الرَّجمْ
وانشعبت فلائقٌ مصدوعة … في الملك ما كانت فطوراً تلتئمْ
أبلجُ تلقى البدرَ منه حادراً … فضلَ اللثام والهلالَ ملتثمْ
مباركُ الشيمة ِ يورى وجهه … في الحادثاتِ قبساً وهي عتم
يهدي لأبناءِ السؤال بشرهُ … نخبة َ ما تهدي إلى الروض الدِّيمْ
توعَّدَ اللوّامَ في الجود فلو … جادَ بما خلف الضلوع لم يلمْ
كأنما عاذله على الجدا … مجتهدٌ يحثو على النارِ الفحمْ
قال له العافون قلْ مالي سدى ً … فقالها ولم يقل كيفَ ولمْ
لم يعترقْ بنانهُ ندامة … على الندى ولا ندى ً مع الندمْ
كم دولة ٍ قيدَ به ريّضها … ونعمة ٍ شبّت على رأس الهرمْ
قد عاهدوه فوفى وعالجوا … برأيه الداءَ العضالَ فحسمْ
وجرّبوه فارسا وجالسا … يومَ الوغى ويومَ يلقون السَّلمْ
أنصحهم جيبا وأمضاهم شباً … والسيفُ نابٍ والشقيقُ متَّهمْ
تحلَّم الدهرُ على تدبيره … والدهرُ ممسوسٌ به جنُّ اللَّممْ
وجمَّع الأمر الشَّعاعَ حزمه … وأضلع الخيل يقطِّعنَ الحزمْ
أملسُ أنبوبِ الفخارِ لم تشنْ … قناتهُ معرّة ٌ ولم تصمْ
من طينة ٍ بيضاءَ صفيَّ مجدها … تنخُّلُ الدهر وتصفيقُ القدمْ
مشى بنوها فوق هاماتِ العلا … وسبقوا بالفضل أسلاف الأممْ
بيتٌ على الثروة ِ لولا عزُّه … ما دانت العربُ قديما للعجمْ
أعلامُ هذي الأرض فيهم وبهم … جرية ُ هذا الماءِ والنارُ لهمْ
يفديك يا بن الأكرمين وادعٌ … لا تتصبَّاهُ عليَّاتُ الهممْ
راضٍ من الهونِ ومن عجزِ المنى … بما اكتسى منتفحا وما طعمْ
يعجبه اسمٌ ليس من ورائهِ … معنى ً إذا ما هو بالعليا وسمْ
لم يدرِ من أين أتى سؤدده … فهو غريبُ الوجه فيه محتشمْ
رامك بغيا ورماك حسدا … فعاد غربُ السهم من حيث نجمْ
أيقظَ منك الصِّلَّ ثمّ هوَّمتْ … عيناه يستجدي علالات الحلمْ
ومدّ باعا لا ذراعَ فوقها … ولا بنانَ ليباريك رغمْ
فانظر إليه واقعا بجنبه … مصارعَ الغدرِ وعثرات الندمْ
يعلمُ أنْ لو سلمتْ ضلوعه … منك من الغلِّ لقد كان سلمِ
لا نفَّرتْ عنك الليالي نعمة ً … وطالما آنستَ وحشيَّ النِّعمْ
ولا وجدتَ من عدوّ فرصة ً … إلا عفوتَ ولو اشتدّ الجرمْ
وطلعَ النيروز بسعوده … عليك جذلانَ إليك مبتسمْ
رسول ألفٍ مثلهِ يضمنُ أن … يوفيك الأعدادَ منها ويُتّمْ
يومٌ أتى في الوافدين قائما … مع القيام خادما بين الخدمْ
فاقبله واردده إلى موفده … مكرَّما قد فاز منك وغيمْ
عقدتُ حبلي مذ عرفتُ رشدي … بكم فما خان يدي ولا انفصمْ
وعشتُ فيكم شطرَ عمري باسطا … يد الغنى أدفع في صدر العدمْ
لا تطمعُ الأيام في تهضُّمي … ولا أخافُ زمني ولو عرمْ
وكنتَ أنتَ ناشلي ورافعي … من خفضة الحال إلى العزّ الأشمْ
وغارسي من قبل أن تمسَّني … يدٌ وساقى غصني قبلَ الدِّيمْ
وخاطبا من فكري كرائما … تبذلُ في مهورها أغلى القيمْ
كلّ فتاة عندها شبابها … وعندكم مفضوضُ ما منها ختمْ
لم يكتب الراقي لها عطفا ولم … تعقدْ لها خوفا من الغدر الرَّتمْ
قد ملأتْ بوصفكم عرض الفلا … وطبّقت أقاصى الدنيا بكمْ
منحتكم فيها صفايا مهجتي … جهدَ زهيرٍ قيل في مدح هرمْ
فلا نضع تلك الحقوقُ بينكم … ولا تخبْ عندكمُ تلك الذِّمم
ولا تحِلّوا بسواكم حاجتي … وكلُّ رزق في ذراكم يقتسمْ
ضمّوا إليكم طرفيَّ إنه … لا يطردُ العارُ بمثل أن أضمْ
وحرِّموا صيدى أن يقنصني … سواكمُ صونَ الحمام في الحرم
واحتفظوا بي إنني بقية ٌ … تمضي فلا يخلفها الدهرُ لكمْ