ماذَا عَلى قُرَّة ِ العَيْنَيْنِ لَوْ صَفَحَتْ – محمود سامي البارودي

ماذَا عَلى قُرَّة ِ العَيْنَيْنِ لَوْ صَفَحَتْ … وعَاوَدَتْ بِوِصالٍ بَعْدَ ما صَفَحَتْ

بايَعْتُها الْقَلْبَ إِيجاباً بِما وَعَدَتْ … فيالَها صفقة ً فى الحبِّ ما ربِحَت

قد يزعمُ النَّاسَ أنَّ البخلَ مقطعة ٌ … فما لقلبى ِ يهواها وماسَمحَتْ ؟

خوطيَّة ُ القدِّ ، لو مرَّ الحمامُ بها … لم يَشْتَبِهْ أَنَّها مِنْ أَيْكِهِ انْتَزَحَتْ

خفَّت معاطفها ، لَكن روادفُها … بِمِثْلِ ما حَمَّلَتْنِي في الهَوَى رَجَحَتْ

وَيْلاهُ مِنْ لَحْظِها الْفَتَّاكِ إِنْ نَظَرَتْ … وَآهِ مِنْ قَدِّها الْعَسَّالِ إِنْ سَنَحَتْ

يَمُوتُ قَلْبِي وَيَحْيَا حَيْرَة ً وهُدى ً … في عالَمِ الْوَجْدِ إِنْ صَدَّتْ وإِنْ جَنَحَتْ

كَالْبَدْرِ إِنْ سَفَرَتْ، والظَّبْيِ إِنْ نَظَرَتْ … والْغُصْن إِنْ خَطَرَتْ، والزَّهْرِ إِنْ نَفَحَتْ

واخَجْلَة َ الْبَدْرِ إِنْ لاحَتْ أَسِرَّتُهَا … وحيرة َ الرشإِ الوسنانِ إن لمحَت

لها رَوابِطُ لا تَنْفَكُّ آخِذَة ً … بعُروة ِ القلبِ إن جدَّت ، وإن مزحَتْ

يا سَرْحَة َ الأَمَلِ الْمَمْنُوعِ جَانِبُهُ … ويا غَزَالَة َ وادِي الْحُسْنِ إِنْ سَرَحَتْ

ترفَّقى بفؤادٍ أنتِ منيَته … ومقلة ٍ لسوى مرآكِ ما طمحَتْ

حاشاكِ أن تسمعى قولَ الوشاة ِ بنا … فإِنَّها رُبَّمَا غَشَّتْ إِذَا نَصَحَتْ

أفسدتُ في حبَّكُم نفسى جوى ً وأسى ً … والنفسُ فى الحبِّ مهما أُفسِدَت صلَحَتْ

ما زِلتُ أسحرُها بالشعرِ تسمعهُ … مِن ذاتِ فهمٍ ، تُجيدُ القولَ إن شرَحتْ

حتَّى إذا علِمَت ما حلَّ بى ، ورأّت … سُقْمِي، وخَافَتْ عَلى نَفْسٍ بها افْتَضَحَتْ

حنَّت رثَت عطفَت مالَت صبَت عزَمتْ … همَّت سرَتْ وصلَتْ عادَت دنَتْ منَحَتْ

فبتُّ فى وصلِها فى نعمَة ٍ عَظُمَت … ما شِئْتُ، أَوْ جَنَّة ٍ أَبْوَابُهَا فُتِحَتْ

أنالُ من ثغرِها الدُّرِّى ِّ ما سألَتْ … نَفْسِي، وَمِنْ خَدِّهَا الْوَرْدِيِّ ما اقْتَرَحَتْ

في رَوْضَة ٍ بَسَمَتْ أَزْهارُهَا، ونَمَتْ … أَفْنَانُهَا، وَسَجَتْ أَظْلاَلُهَا، وَضَحَتْ

تَكَلَّلَتْ بِجُمَانِ الْقَطْرِ، وَاتَّزَرَتْ … بسُنْدُسِ النبتِ والريحانِ ، واتَشحَتْ

ترنحَّ الغصنُ مِن أشواقهِ طرباً … لمَّا رأى الطَّيرَ فى أوكارِها صدَحَتْ

صَحَّ النَّسِيمُ بها وَهْوَ الْعَلِيلُ، وَقَدْ … مَالَتْ بِخَمْرِ النَّدَى أغْصَانُها، وَصَحَتْ

وَلَيْلَة ٍ سالَ في أَعْقَابِهَا شَفَقٌ … كَأَنَّهَا بِحُسَامِ الْفَجْرِ قَدْ ذُبِحَتْ

طَالَتْ، وَقَصَّرَهَا لَهْوِي بِغَانِيَة ٍ … إن أعرضَتْ قتَلَتْ ، أو أقبلَتْ فضَحَتْ

هيفاء ُ، إن نطقَت غنَّتْ ، وإن خطَرَتْ … رنَّتْ ، وإن فوَّقَت ألحاظها جرَحَتْ

دارت علينا بها الكاساتُ مُترعة ً … بخمرة ٍ لو بدَت فى ظلمة ِ قدحتْ

حَمْرَاءَ سَلْسَلَهَا الإِبْرِيقُ في قَدَحٍ … كَشُعْلَة ٍ لَفَحَتْ في ثَلْجَة ٍ نَصَحَتْ

رُوحٌ إِذَا سَلَكَتْ في هَامِدٍ نَبَضَتْ … عروقهُ ، أو دنتْ من صخرة ٍ رشحَتْ

طارتْ بألبابنا سُكراً ، ولا عجَبٌ … وهى الكُميتُ إذا فى حلبَة ٍ جمَحَتْ

حتَّى بدا الفجرُ مِن أطرافِ ظلمتِها … كغرة ٍ فى جوادٍ أدهمٍ وضحِتْ

فيا لَها ليلة ً ما كانَ أَحسنَها … لو أنها لبِثَت حَولاً وما برِحَتْ

كلمات: محمد الأحمد السديري

ألحان: طلال مداح