ماذا تريدين بالدنيا يدَ القدرِ – حيدر بن سليمان الحلي

ماذا تريدين بالدنيا يدَ القدرِ … لقد ذهبت بسمع الدهر والبصرِ

سوَّدتِ مشرقها القاصى ومغربها … بكاسف الأبيضين الشمس والقمرِ

وغودر الأفقُ معتلاً وأنجمه … من غائرِ ضوؤه منها ومنكدر

وأصبح النجف الأعلى يغصُّ شجى ً … لله ما صنعت فيه يدُ الغيَر

طويتِ خيرَ معدٍّ كلها نسباً … وأكرمَ الناس من بادِ ومحتضر

طأطأتِ من هاشمٍ للأرض هام على ً … ما طأطأتها ظبا الهندية البتر

أرغمتِ منها أنوفاً كلُها شممٌ … ما أرغمت بين أطراف القنا السمر

أريتها يومَها من قبلُ حين سرت … بمشبع الطير في أعوامها الغبر

فاسأل بها اليوم هل وارت “محمدهَا” … أم شيبة الحمد في ذاك الثرى العطر

خطبٌ لوت عنقَ الإسلام منه يدٌ … يا شلَّها اللهُ قد ألوت على مضر

مضى بأجمعها قلباً وأقطعها … غرباً وأمنعها للخائف الحذر

فالآن لم يبقَ كهفٌ للمروع ولا … مأوى ً يحطُّ إليه راكبُ الخطر

قد طوّحت جبلَ المجد المنيف عُلى ً … على الورى نكباتُ الحادث النكر

يا من عن المجد أضحى مزمعاً سفراً … ما كان أبرحه للمجد من سفر

أمهل فواقا فزوِّد أنفساً بقيت … موقوفة ً فيك بين البثِّ والفكر

قل للنوائب ما من غاية ٍ بقيت … وراءَ هذا فأنّى شئتِ فابتدري

تالله زلزلت الدنيا بقارعة ٍ … من القيامة نادت بالسما انفطرى

هوّن عليك وإنْ داعي المنون دعا … يا أنجمَ الفضل من آفاقك انتثري

لا تحسب الملّة الغرّاء قد بقيت … بعد الذين مضوا عنها بلا وزر

هيهات قد حفظ الباري محجّتها … البيضاءَ بالخلف “المهديَّ” من مضر

بقائمٍ بهدانا غير منتظرٍ … ينوب عن قائم بالأمر منتظر

له نفائسُ علمٍ كلُّها دررٌ … والبحرُ يبرز منه أنفس الدرر

لو أصبحت علماءُ الأرض واردة ً … منه لما رغبت عنه إلى الصدر

مقدَّمٌ بين أهل الفضل قد عُرفتْ … له الرياسة ُ في الماضي من العصر

يفوق في المدح عينَ القوم أثرهم … ومدحه شرعٌ في العين والأثر

أغرُّ يبسط كفاً لا تقوم لها … بشكر ما صنعته ألسنُ البشر

هذي سما الدين فانظر زينتُها … بأنجم العلم من أبناثها الزهر

فروعُ دوحة مجدٍ أثمرتْ كرماً … للمعتفين وكم فرع بلا ثمر

أبناؤهم زهرٌ آثارهم زبرٌ … آلاؤهم مطرٌ يغنى عن المطر

كأنما خلقَ الله الورى صوراً … جميعَها وهم الأرواحُ للصور

يا من غفرنا ذنوبَ الحادثات به … وكلها ليس لولاه بمغتفر

بك الهدى قد تعزّى في رزَّيته … عن ذاهبٍ لم يدع صبراً لمصطبر

فاسلم وحسبُك عنه سلوة ً بعلـ … ـيِّ القدر سيّد أهل الرأي والخطر

و”بالحسين” أخي العلياء تلوهما … في الفضل واحد أهل الرأي والنظر

وبالنقيِّ “على ٍّ” فرع دوحته … وكلُّهم طاب منه معقدُ الأزر

قومٌ إذا ذكروا بحرَ العلوم سموا … إلى العُلى حيث لا مرقى لمفتخر

ولا تزال غوادي السحب واكفة ً … تعتاده بين منهلٍّ ومنهمر

حتى يعودَ ثراه روضة ً أنقاً … تستوقف الطرفَ في وشيٍ من الزهر