لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ – محمود سامي البارودي

لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ … فَما ضَرَّهُ لَوْ عَطَفْ؟

غزالٌ لَهُ نَظرة ٌ … أَعَانَتْ عَلَيَّ الْكَلَفْ

تَبَسَّمَ عَنْ لُؤْلُؤٍ … لَهُ مِنْ عَقِيقٍ صَدَفْ

وَتَاهَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ … وشأنُ الجمالِ الصَلف

جَرى الْبَنْدُ فِي خَصْرِهِ … على حَركاتِ الهيَف

وما ذَاكَ خَالٌ بَدَا … ولكِنْ وِسَامُ التَّرَفْ

رآنِى بهِ مولَعاً … فعاتبَنِى وانحرَفْ

ولم يدرِ أنِّى بهِ … عَلَى جمَراتِ التَّلَفْ

فَقُلْتُ لَهُ: سَيِّدِي … ترفَّق بِصَبٍّ دَنِفْ

فقالَ : أخافُ العِدا … فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تَخَفْ

فإنِّى عَفيفُ الهوى … وَمَا كُلُّ صَبٍّ يَعِفْ

وَأَنْشَدْتُهُ قِطْعة ً … وشِعرِى إحدى الطُّرَف

فاصغِى لَها باسِماً … وبانَ عليهِ الأسَفْ

ونَمَّت بهِ خَجلة ٌ … تَدُلُّ عَلَى مَا اقْتَرَفْ

وقالَ : أهذا الضنَى … جَناهُ عليكَ الشَغَف ؟

فقُلتُ : نعم،سيِّدى … وأبرحُ ممَّا أصِف

فَصَدَّقَ، لَكِنَّهُ … تَجَاهَلَ لَمَّا عَرَفْ

وقالَ : أطَعتَ المُنى … وَبَعْضُ الأَمَانِي سَرَفْ

وَمَا كُلُّ ذِي حَاجَة ٍ … يَفوزُ بِها إن عَكف

فأشفقتُ من قولهِ … وَلَكِنَّ رَبِّي لَطَفْ

فلمَّا رأى أدمُعى … تَوالَت ، وقَلبى رَجف

تَبَسَّمَ لِي ضَاحكاً … ومانَع ، ثمَّ انعطَف

فأغرَمتهُ قُبلة ً … عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفْ