لَمْ تُطِيقِي بَعْدَ الأَلِيفِ الْبَقَاءَ – خليل مطران

لَمْ تُطِيقِي بَعْدَ الأَلِيفِ الْبَقَاءَ … وَكَرِهْتِ الْحَيَاةَ أَمْسَتْ شَقَاءَ

فَوَهَى قَلْبُكِ الْكَسِيرُ الْمُعَنَّى … وَتَعَجَّلْتِ لِلرَّحِيلِ الْقَضَاءَ

مَا الَّذِي يَفْعَلُ الدَّوَاءُ إِذَا لَمْ … يَبْقَ في الْجِسْمِ مَا يُعِينُ الدَّوَاءِ

خِيلَ أَنَّ الْوَفَاءَ أَكْدَى إلىَ أن … شَهِدَ النَّاسُ مِنْكِ هَذَا الْوَفَاءَ

كَمْ رَجَوْنَا لَكِ الشِّفَاءَ وَخَارَ اللَّ … هُ في غَيْرِ مَا رَجَوْنَا الشِّفَاءَ

هَكَذَا شَاءَ وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ … وَلَهُ الأَمْرُ فَلْيَكُنْ مَا شَاءَ

أسَفٌ أَنْ يُغَيِّبَ الْقَبْرُ رُوحاً … مَلَكِيّاً وَطَلْعَةً زَهْرَاءَ

أَيْنَ ذَاكَ الْبَهَاءُ يُجْرِي عَلَى مَا … حَوْلَهُ بَهْجَةً وَيُلْقِي بَهَاءَ

أَيْنَ ذَاكَ السَّخَاءُ يَكْفِي الْيَتَامَى … وَالأَيَامَى ويَنْصُرُ الضُّعَفَاءَ

أَيْنَ ذَاكَ الْحَيَاءُ عَنْ عِزَّةٍ لاَ … عَنْ تَعَالٍ وَحَيِّ ذَاك حَيَاءَ

عَرَفَتْهَا مَعَاهِدُ الْعِلْمِ وَالآدا … بِ وَالْبِرِّ لاَ تَمَلُّ عَطَاءَ

كَانَ صَدْرُ النَّدِيِّ يَهْتَزُّ تِيهاً … حِينَ تَحْتَلُّهُ وَيَزْهُو رُوَاءَ

أَفْضَلُ الأُمَّهَاتِ جَفَّ حَشَاهَا … مَنْ يُعَزِّي الْبَنَاتِ وَالأَبْنَأءَ

نَشَّأَتْهُنَّ صَالِحَاتٍ وَرَبَّتْهُمْ … كُرَمَاءً أَعَزَّةً نُجَبَاءَ

غَانِيَاتٍ فُقْنَ اللِّدَاتِ جَمَالاً … وَكَمَالاً وَرِقَّةً وَذَكَاءَ

وَشَبَاباً هُمْ نُخْبَةٌ في شَبَابِ الْعَصْ … رِ عِلْماً وَحِكْمَةً وَمضَاءَ

آلَ سَمْعَانَ إِنَّ رُزْءًا دَهَاكُمْ … تِلْوَ رُزْءٍ قَدْ هَوَّنَ الأَرْزَاءَ

لَمْ يَكُنْ بِالْكَثِيرِ لَوْ كَانَ تُجْدِي … أَنْ تَسِيلَ النُّفُوسُ فِيهِ بُكَاءَ

غَيْرَ أَنَّ الَّتِي إلىَ اللهِ آبَتْ … خَلَّفَتْ لِلْمُفْجَعِينَ عَزَاءَ

مَا تَوَلَّتْ عَنْكُمْ وَقَدْ تَرَكَتْ آ … ثَارَهَا النَّاطِقَاتِ وَالأَنْبَاءَ

ذِكْرَيَاتٍ تَهْدِي إلى الْخَيْرِ مَنْ ضَ … لَّ سَبِيلاً وَتَنْفَعُ الأَحْيَاءَ

شَيَّعَتْ مِصْرُ نَعْشَهَا بِاحْتِفَالٍ … قَلَّما شَيَّعَتْ بِهِ الْعُظَمَاءَ

وَقَضَتْ وَاجِبَ الْوَدَاعِ لِفَضْلٍ … لاَ يُسَامِي بِهِ الرِّجَالُ النِّسَاءَ

جَارَةَ الْخُلْدِ لَيْسَ في الْخُلْدِ نَأْيٌ … بَعْدَ أَنْ يُدْرِكَ الْمُحِبُّ اللِّقَاءَ

فُزْتِ مِنْهُ بِطَيِّبَاتِ الأَمَانِي … فَاغْنَمِيهَا مَثُوبَةً وَجَزَاءَ

إِنَّ في الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ لَسِرّاً … أَبَدِيّاً يُحَيِّرُ الْعُقَلاَءَ

نَحْنُ مِنْهُ في ظُلْمَةٍ تَتَدَجَّى … وَلَقَدْ جُزْتِهَا فَعَادَتْ ضِيَاءَ

فَدَحَ الْخَطْبُ يَا عَفِيفَةُ في هِجْ … رَانِكِ الأَقْرِبَاءَ وَالأًوْلِيَاءَ

فاعْذِرِي حُزْنَنَا فَإِنَّا عَلَى الأَرْ … ضِ وَطُوبَاكِ أَنْ بَلَغْتِ السَّمَاءَ