لَمْ تَقُمِ الْعِبْرةُ فِي حادِثٍ – خليل مطران

لَمْ تَقُمِ الْعِبْرةُ فِي حادِثٍ … قيَامَها فِي موْتِكَ الْفَاجِعِ

بَعْدَ عِثَارٍ مِن ذُرَى حَالِقٍ … يَقِلُّ أَنْ يُوصَفَ بِالرَّافِعِ

عَثَرْتَ إِذْ نَجْمُكَ عَالٍ وَإِذْ … يَخْطُو مُجَارِيكَ خطى الظَّالِعِ

وَإِذْ يَرَى أَبْعَدَ مَجْدٍ عَلَى … أَدْنَى مَدىً مِنْ فِكْرِكَ الوَاسِعِ

فَنَالَكَ الْغَدْرُ بِأُلْعُوبَةٍ … لَمْ يَكُ مِنْهَا الحَذْرُ بِالْمَانعِ

وَزَارِعُ الآمَالِ فِي دَهْرِهِ … قَدْ يَحْصِدُ الخَيْبَة كَالزَّارعِ

لَشَدَّ مَا يُصْدَمُ وَهْمُ الفَتَى … بِنُكْرِ مَا يَلْقَاهُ فِي الوَاقِعِ

قَدِرْتَ إِذْ ضِعْتَ وَمَا يَقْدِرُ … المُنْفِسُ بِالْحَقِّ سِوَى الضَّالِعِ

يَا لَصَرِيعٍ بِيَدٍ خَالَهَا … مُقِيلَةً وَهْيَ يَدُ الصَّارِعِ

مَهَّدَ طُولَ السِّجْنِ فِي جِسْمِهِ … لِلدَّاءِ فَاسْتَعْصَى عَلَى النَّاجِعِ

فبَانَ عَنْ رَبْعٍ شَجٍ مُوحِشٍ … قَدْ كَانَ أُنْساً لِرِثَاءِ الرَّاقِعِ

وَعَيْلَةٍ أَضْحَتُ مِثَالاً لِمَا … يُغْضَى إِلَيْه نَكَدُ الطَّالِعِ

مِنْ غَادَةٍ سَالتْ غِوَاشُ الدُّجَى … بَيْنَ حَوَاشِي صُبْحِهَا السَّاطِعِ

وَحَذَّرَ الحُزْنُ أَخَادِيدَهِ … سَفْعاً بِذَاكَ الوَضحِ النَّاصِعِ

وَمِنْ بَناتٍ نَائِحَاتٍ بِمَا … يُذيبُ شَجْوَاً مُهْجَةَ السَّامِعِ

أَصْبَحْنَ لاَ يَنْظُرْنَ مِنْ حَسْرَةٍ … شَيْئاً بِغَيْرِ المَحْجِرِ الدْامِعِ

وَمِنْ وَحِيدٍ ناعِمٍ ظِفْرُهُ … لَيْسَ لِبُؤسٍ عَنْهُ مِنْ دَافِعِ

مَا ضرَّ لوْ بَلَّغَهُ الدَّهْرُ فِي … ظِلِّ أَبِيهِ زمَنَ اليَافِعِ

فَيَا فقِيداً سَيَلِي ثَأْرُهُ … مُلْحَقَةَ المَتْبُوعِ بِالتَّابِعِ

جَرَعْتَ فِي كأْسٍ مُرَارَاتَهَا … أَمَرَّ مَا فِي الكَأْسِ لِلجَّارِعِ

وَرُحْتَ مَظْلُوماً وَمَا كُنْتَ إِذْ … حَكَمْتَ بِالبَاغِي وَلاَ الطَّامِعِ

قَدْ أَنْجَعَ الضَّيْمُ مُلُوكاً وَمَا … كُنْتَ لِغَيْرِ الحَقِّ بِالْبَاضِعِ

وَلِّ وَكِلْنا لأَسىً لَيْسَ … بِالْمُغْنِي وَنوْح لَيْسَ بِالنَّافِعِ

أُعْذِرُ مَنْ يَبْكِي حبِيباً مَضَى … وَلَيْسَ بَعْدَ اليَوْمِ بِالراجِعِ