لَقَد بَلَغَت بِهِم الحِدَّه – الياس أبو شبكة

لَقَد بَلَغَت بِهِم الحِدَّه … فَمن أَيِّنا نَطلُب النَجدَه

أَلَستَ تَراهُم أُولي غَضبَةٍ … يَعيثونَ بِالوَيلِ في البَلدَه

فَكُلٌّ يَرى نَفسَهُ سَيِّداً … وَكلٌّ يَرى نَفسَهُ عُمدَه

إِذا ما تَرَبَّعَ في جَهلِهِ … عَلى مَقعَدٍ خالَهُ سُدَّه

كَريمُهُم كَاللَئيمِ بِهِم … فَما فاضِلٌ سَيِّدٌ عبدَه

أَضاعوا الرشادَ وَما نَفعُ مَن … أَضاعَ بِثَورَتِهِ رُشدَه

يَقولونَ نَحنَ عمادُ البِلادِ … وَما هيأوا لِلوَفا عُدَّه

كَأَنَّ البِلادَ لَدى حاجَةٍ … إِلى كذبٍ وَإِلى إِدَّه

وَرُبَّ كَبيرٍ بِلبنانِهِ … يَعفِّرُ في حَمأةٍ خَدّه

تُرى عِندَهُ خَدماً وَقصوراً … وَلَستَ تَرى شَرفاً عِندَه

يَتيهِ اِفتِخاراً بِأَجدادِهِ … كَأَنَّ الوَرى جَهِلوا جَدَّه

يُحاوِلُ إِخفاءَ ما يَنطَوي … عَلَيهِ فَتَفضَحُهُ السَجدَه

ذَليلٌ وَفي بُردِهِ الكِبرِياءُ … فَيا لَيتَ ما لَبِسَ البُردَه

وَيا لَيتَ مَن وَلدت طَرحَتهُ … وَلمّا تُدنِّس بِهِ مَهدَه

وَلكِنَّها قِردَةٌ وَلَدَتهُ … أَلا تَلِدُ القِردَ القِردَه

بَني وَطَني نَحنُ في حاجَةٍ … إِلى نُصَراءَ أَولي شِدَّه

يضحّونَ بِالأَنفُسِ الغالِياتِ … لِأَجلِ التَضامُن وَالوُحدَه

وَفي سُبُلِ الحَقِّ يَأتَلِفون … وَيَعتَنِقون الحِجى وَحدَه

إِذا أُشكِلَت عقدةٌ في البِلادِ … خفّوا لحلِّ ذهِ العِقدَه

إِلى مَ تَظلون في رَقدَةٍ … وَلا تُبعَثونَ من الرَقدَه

إِذا قامَ بَينَكُم مُصلِحٌ … يَقومُ جَميعُكُم ضِدَّه

فَلا تَدعوا ظُفُرَ المستَبِدِّ … يحكُّ لِلبنانِكُم جِلدَه

وَصيحوا بِهِ رُدَّ ما قَد … سَرَقتَ لنا خُلُقاً رُدَّه

هدَمتَ لَنا صَرحَ أَخلاقِنا … فَأَينَ تَبيتُ تُرى بَعدَه

وَشَيَّدتَ مَعبِدَ إِفكٍ فَهُدَّ … أَساسَ مشيِّدِهِ هُدَّه

لَقَد رثَّ ثَوبٌ خَلَعتَ عَلَينا … وَنَحن نَميلُ إِلى الجِدَّه

فَعَهدُ الغُموضِ مَضى وَتَصَدّى … لَهُ عَهدُنا ناقِضاً عَهدَه

لَقَد حانَ أَن يُصلِتَ النورُ حداً … كَما اِستَلَّ سَيفُ الدُجى حَدَّه

لَقَد كادَ يصدَأُ في غِمدِهِ … حُسامٌ يَرى قَبرَهُ غَمدَه

هَديتُ رِفاقي إِلى موردي … فَضلَّوا وَما طَلَبوا وِردَه

وَما موردي العذبُ إِلا السَلامُ … يُذيبُ لِشارِبهِ كِيدَه

رِفاقي وَإِن فَرَّقَتنا الخطوبُ … سَيَحفَظُ قَلبي لَكم حَمدَه

سيرشُقُكُم بِالأَزاهِرِ مَهما … نكَرتُم عَلى وَدّه وَدَّه

سَيَذكُرُكُم بِالجَميلِ إِذا ما … نَأى وَأَرادَ القَضا بُعدَه

سَيَصفَحُ عَن كُلِّ أَشواكِكُم … فَشوكَتُكُم عِندَهُ وَردَه