ليلة القدر – بدر شاكر السياب

يا ليلة تفضل الأعوام والحقبا … هيجت للقلب ذكرى فاغتدا لهبا

وكيف لا يغتدي نارا تطيح به … قلب يرى هرم الاسلام منقلبا

يرى شعائر دين الله هاربة … يسفها النوء تمضي حيثما ذهبا

أين العنان الذي تلويه عاصفة … ما فاتحين يرون الموت مطلبا

للرغو حول شدوق الخيل وسوسة … والنقع يذري لثاما قنع السحبا

من كل محتسب بالله متكل … عليه يفري ضلوع البغي ان ضربا

كأن أسيافهم في كل معمعة … جسر الى جنة الفردوس قد نصبا

يا ليلة القدر يا ظلا تلوذ به … ان مسنا جاحم الرمضاء ملتها

ذكراك في كل عام صبيحة عبرت … من عالم الغيب تدعو الفتية العربا

أقوم أحمد مضروب على يدهم … بالذل من هول ذاك الفتح واعجبا

تفرقوا شيعا في كل حاضرة … قوم يقيمون من أغلالهم نصبا

لولا بقايا من الثوار صامدة … في ظل وهران تسقي خصمها العطبا

تكون ولى فرارا من جحافلها … والرعب مما تصك الظالم ارتعبا

لقلت واضعية الاسلام في بلد … بالأمس أعلى منار الحق ثم خبا

يا ليلة القدر أعلي قدر أمتنا … شهم تعالى على الشيطين وانتصبا

عبد الكريم الذي جاد الكريم به … أقال من عثرة شعبا بما وهبا

ما كان يرغب عن أنوالر ثورته … الا الخفافيش ساءت تلك منقلبا

هووا الى قاع بئر قرار لها … مستمسكين بحبل من دم خضبا

حبل تشد يد الشيطان أوله … ويجذب الفوضوي الخائن الذنبا

كم جيد عذراء دق الحبل أتلعه … وكم ذراع لطفل قص واجتذبا

ياليلة القدر نورا أضاء لنا … قاع السماء فأبصرنا مدى عجبا

تترل الروح رفافا بأجنحة … بيض على الكون أرخاهن أو سحبا

عطف الأمومة في عينيه متقد … وان يكن للتقاة المحسنين أبا

وللملائك تسح وزغردة … تكاد رناتها أن تذهل الشهبا

ومن دماء الضحايا في جوانبه … نار تمد اللسان المغلق الذربا

يشكو الى الله ذرى عقاربه … فأنبت زهرا من سمها أشبا

ومن هوت تقطع الأضلاع مديته … وساق ظلما الى الجلاد من هربا

ذكرى تعود كأن الغدر يبعثها … من كهف أمس الذي ولى بما كسبا

أمس الذي ان غفلنا عاد جاحمه … فاقتص ممن يحب الله والعربا

لا صلح بين الهدى والبغي لا سنة … تعمي النواظر عمن سامنا العطبا