لو كنتَ تبلو غداة السفحِ أخباري – مهيار الديلمي
لو كنتَ تبلو غداة السفحِ أخباري … علمتَ أنَّ ليسَ ما عيَّرتَ بالعارِ
شوقٌ إلى الوطنِ المحبوبِ جاذبَ أض … لاعي ودمعٌ جرى منْ فرقة الجارِ
ووقفة ٌ لمْ أكنْ فيها بأوَّلَ منْ … بانَ الخليطَ فداوى الوجدَ بالدَّارِ
ولمتَ في البرقِ زفراتي فلو علمتْ … عيناكَ منْ أينَ ذاكَ البارقُ السَّاري
طارتْ شرارتهُ منْ جوِ كاظمة ٍ … تحتَ الدُّجى بلباناتي وأوطاري
من كلِّ مبتسمٍ عن مثلِ ومضتهِ … وذائبٍ ريقهُ في مزنهُ الجاري
وخافقٍ بفؤادي في حياً هطلٍ … خفوقَ شعشاعهِ منْ غير إضرارِ
وطائشٍ من لحاظٍ يومَ ذي سلمٍ … ملكنَ وردي ولمْ يمكلنَ إصداري
رميتُ أحسبُ أنِّي في بني جشمٍ … فردَّ سهمي ورامي مهجتي قاري
هل بالدِّيارِ على لومي ومعذرتي … عدوى تقامُ على وجدِي وتذكاري
أم أنتَ تعذلُ فيما لا تزيدُ بهِ … إلاَّ مداواة َ حرِ النَّارِ بالنَّارِ
تنكَّرتْ أنْ رأتْ شيبي وقدْ حسبتْ … أيَّامَ عمري فصدَّتْ أمَّ عمَّارِ
أما تريني ذوى غصني وناحلني … ظلِّي ورابًَ الهوى صبري وإقصاري
وقوربتْ خطواتي منْ هنا وهنا … فبدِّلتْ أذرعٌ منها بأشبارِ
مطَّرداً تجتفيني العينُ راكدة ً … عندَ الملوكِ رياحي بعدَ إعصارِ
فما خضعتُ ولكنْ خاننيزمني … ولا ذللتُ ولكنْ غابَ أنصاري
وقدْ أكونُ وما تقضى بلهنية ٌ … إلاَّ بمتعة ِ آصالي وأسحاري
موسِّعاً لي رواقَ الأنسِ قالصة ً … عني ذلاذلُ أبوابٍ وأستارِ
معْ الوسائدِ أو فوقَ المضاجعِ إنْ … ملَّتْ مجالسُ ألاَّفٍ وسمَّارِ
أشري الموداتَ والأموالَ مقترحاً … منها الصَّفايا بأخلاقي وأشعاري
أيَّامَ لي منْ بني عبدِ الرَّحيمِ حمى … راعينَ حقَّ العلا دانينَ حضَّارِ
مرفرفينَ على حقَّي بحفظهمِ … رامينَ نحوي بأسماعٍِ وأبصارِ
فاليومَ تنبذني الأبوابَ مطَّرحاً … نبذَ المعرَّة ِ تحتَ الزِّفتِ والقارِ
يملُّ مدحي ولا يصغي لمعتبتي … ولا يراقبُ تخويفي وإنذاري
ينقَّصُ الفضلُ ميزاتي ويصغرني … ما كانَ فيهِ غذا أنصفتُ إكباري
هذا وهمُ بعدُ يرعوني وإنْ شحطوا … ويلحظوني على بعدٍ منَ الدَّارِ
علقتُ باسمهمُ فاستبقني ويفي … أنَّي علقتُ بحبلٍ غيرِ جوَّارِ
بالأطهرينَ ثرى ً والأطيبينَ ندى ً … والأسمحينَ على عسرٍ وإقتارِ
والنَّاصرينَ لما قالوا بما فعلوا … والفاتلينَ على شزرٍ وإمرارِ
لا يعدمُ الجارُ فيهمْ عزَّ أسرتهِ … ولا يكونَ قراهمْ خجلة َ الجارِ
ولا يردِّونَ في صدرِ الحقوقِ إذا … توجَّهتْ بتساويفٍ وأعذارِ
يأوي الطَّريدُ إليهمْ غيرَ مهتضمٍ … ويرحلُ الضَّيفَ عنهم غيرَ مختارِ
سريتُ منهمْ بشهبٍ في دجى أملي … تضيءُ لي واهتدى ليلي بأقمارِ
صحبتهمْ والصِّبا ريعانُ في ورقي … فما نبوا بي حتى حانَ إصفاري
مقرَّباً يحسبوني ذيلَ أنعمهمْ … حتى ترى النَّاسَ يقتافونَ آثاري
حتى لو أنَّي أدعى باسمِ بعضهمِ … لمْ ينبُ جهري عنْ الدَّاعي وإسراري
حموا شبولاً حمى سرحى وعشتُ إلى … أنَّ ذبَّ عني منهمُ ضيغمٌ ضاري
قضيتُ في شرفِ الدِّينِ الذي ضمنتْ … لي المنى ووقى زجري وأطياري
وحرَّمتْ يدهُ لحمي على زمني … وكنتُ منهُ لأنيابٍ وأظفارِ
أغرُّ قامتْ بقولي فيه معجزتي … في الفضلِ وانكشفتْ بالصِّدقِ أخباري
وسارَ بأيمي ما أرسلتهُ مثلاً … في الأرضِ في كلِّ بيتٍ فيهِ سيِّارِ
مباركٌ تطردُ اللأواءَ رؤيتهُ … طردَ الظَّلامِ بزندِ البلجة ِ الواري
وزيرُ ملكٍ خلتْ في عدلِ سيرتهِ … صحيفة ُ الملكِ منْ إثمٍ وأوزارِ
يزيَّنَ الحقَّ في عينيهِ منبتهُ … على نوازعِ عرقٍ فيهِ نعَّارِ
شبَّتْ بهِ الدَّولة ُ الشَّمطاءُ وارتجعتْ … زمانها بينَ إعراسٍ وإعذارِ
وأقلعَ الدَّهرُ عمَّا كانَ يثلمهُ … منْ عرشها بعدَ تصميمٍ وإصرارِ
طوراً هشيماً تلظَّى ثمَّ يرفلُ منْ … تدبيرهِ بينَ جنَّاتٍ وأنهارِ
يذبُّ عنها وقدْ ريعتْ جوانبها … برأيهِ المكتسي أو سيفه العاري
تهفو مراراً بهِ غمطاً لنعمتهِ … ثمَّ تعودُ بحلوِ الصَّفحِ غفَّارِ
فكمْ تموتُ ويحييها برجعتهِ … وكمْ تعقُّ أباها الخالقَ الباري
شيمة ُ لؤمٍ لها تنسى إذا قرنتْ … منهُ بشيمة ِ حرٍّ وابنُ أحرارِ
من طينة ِ الملكِ ملموماً على كرمٍ … لم تنحتْ صخرة ٌ منهُ بمنقارِ
يهتزُّ فخراً بعرضٍ لا يلمُّ بهِ … وصمُ القنا وأديمٍ غيرَ عوَّارِ
بينَ وزيرٍ تغصَّ الصَّدرِ جلستهُ … يختالُ أو ملكٍ في الفرسِ جبَّارُ
تقسَّموا الأرضَ يفتضُّونَ عذرتها … بعدلهمْ بينَ عمَّالٍ وعمَّارِ
ورثتهمْ سوددا وازددت بينهمُ … زيادة َ السَّيفِ بينَ الماءِ والنَّارِ
إنْ تخلُ منْ وجهكَ الزوراءُ مكرهة ٌ … فإنَّ صدَّكَ عنها صدُّ مختارِ
أو ينضَ بعدكَ عنها حسنها فلها … بقربِ غيركَ أثوابٌ منَ العارِ
أمَّا الدِّيارُ فقفرٌ والقطينُ بها … يودُّ منْ قلقٍ لو أنَّهُ ساري
قد خضخضَ السَّجلُ جاليها فما يجدْ ال … سَّاقي سوى حماة ٍ ما بينَ أحجارِ
وطارَ بالرزقِ عنها أجدلٌ علقتْ … منهُ المنى بحديدِ الظُّفرِ عقَّارِ
قامتْ بأذنابها أقدامهمْ وهوتْ … رءوسها في هوى مستهدمٍ هاري
فالأرضُ مردودة ٌ بالفلس لو عرضتْ … والملكُ يغلو لمبتاعٍ بدينارِ
وصاحبُ الأرضِ مملوكٌ يصرِّفهُ … مجعجعٌ بينَ نهَّاءٍ وأمَّارِ
حلسُ العرينة ِ خافٍ تحتَ لبدتهِ … ويكسبُ اللَّيثَ مع سعى وإصحارِ
مدَّبرٌ لعبتْ أيدٍ بدولتهِ … مشلولة ٌ بينَ إقبالٍ وإدبارِ
يدعوكَ معترفاً بالحقِّ فيكَ وما اس … تدناكَ مثلَ إعترافٍ بعدَ إنكارِ
يا جارهُ أمسِ قدْ لانتْ عريكته … فاعطفْ لهُ وأرعَ فيهِ حرمة َ الجارِ
وانهضْ لها نهضة َ الشَّاري ببطشتهِ ال … كبرى وحاشا لكَ التَّمثيلِ بالشَّاري
قدْ أعقمَ الرأي فاستدركَ بقيَّتها … منكَ برأيٍ ولوجِ البطنِ مذكارِ
فلمْ تزلْ وارياً في كلِّ مشكلة ٍ … بقدحها جارياً في كلِّ مضمارِ
وامللْ بجودكَ أهواءً موزَّعة ً … حتى تفيءَ لإذعانِ وإقرار
واسعَ لمنتظرٍ آياتِ عودكَ لمْ … يغنمْ سوى الصَّبر منْ غمٍّ وإنظارِ
لا يشتكيكَ وإنْ طالَ الجفاءُ بهِ … إلاَّ إليكَ بإخفاءٍ وإظهار
ِلمْ يبقَ إلاَّ الذّما منهُ وأحسبهُ … لليومِ أو لغدٍ ميتاً بلا ثارِ
لولا عوائدُ منْ نعماكَ تنشلني … وإنْ أتتْ منْ قبيلِ الطَّارقِ الطَّاري
تزورني والنَّوى بيني وبينكمْ … أهلاً بها منْ حفيٍّ بيوزوَّارِ
فجدِّدوها مراعاة ً فبي ظماٌ … لو كانَ في البحرِ لمْ يخلقْ بتيَّارِ
لمَّوا كسوري فما في الأرضِ منقبة ٌ … أعلى بصاحبها منْ جبرِ أكساري
اليدُ منكمْ فلا تلقوا أشاجعها … لفاصمٍ منْ يدِ العلياءِ بشَّارِ
وإن أغبْ عنكمُ فالشِّعرُ يذكرني … وحسبكمْ بالقوافي ربَّ إذكارِ
فاستجلها يا عميدَ الدَّولتينِ فقدْ … وافى بها الشَّوقُ منْ عونٍ وإبكارِ
عرائساً أنتَ مولى النَّاسِ خاطبها … وبعلها وأبوها عفوَ افكاري
وانظرْ إليها ما قدْ أعطيتْ شرفاً … مردَّداً بينَ أحماءٍ وأصهارِ
والمهرجانُ وعيدُ الفطرِ قدْ وليا … زفافها بينَ صوَّاغٍ وعطَّارِ
يومانِ للفرسِ أو للعرب بينهما … حظُّ السَّعادة ِ مقسومٌ بمقدارِ
هذا بتاجِ أبيهِ عاصبٌ وعلى … هذا اختيالُ فتى ً بالسَّيفِ خطَّارُ
تصاحبا صحبة َ الخلَّينِ واتفقا … سلماً ولمْ يذكرانِ أضغانَ ذي قارِ
فالبسهما بينَ عيشٍ ناعمٍ وتقى ً … وبينَ صومٍ تزكيِّهِ وإفطارِ
ما طافَ بالبيتِ ماحي زلَّة ً وسعى … شعثٌ أمامَ الصَّفا أنضاءَ أسفارِ
تنصَّبوا لهجيرِ الشَّمسِ وافترشوا … ليلَ السَرى بينَ أقتابٍ وأكوارِ
نصُّوا الرِّكابَ بمصرٍ واحدٍ وهمُ … شتَّى أباديدُ آفاقٍ وأمصارِ
حتى أهلَّوا فلبَّوا حاسرينَ إلى ال … دَّاعي مباذلَ أشعارٍ وأبشارِ
وما جرى الدَّمُ في الوادي وقدْ نحروا … وسربلَ البيتُ منْ حجبٍ وأستارِ
مخلَّدَ الملكِ تفضي كلُّ شارقة ٍ … إلى وفاقٍ لما تهوى وإيثارِ