لولا لبانة موسى النور ما انقلبا – محيي الدين بن عربي
لولا لبانة موسى النور ما انقلبا … نارا وما أحرقت نبتاً وما التهبا
فاحذر فديتك إنّ الأمر ذو خدع … يريكَ مضطجعاً من كانَ منتصبا
لقدْ تحرَّكَ للرائينَ في صورٍ … شتى وما صدق الرائي وما كذبا
كقولهِ ما رمى منْ قدْ رمى ومضى … في أفقه طالعاً لقطاً وما غربا
وظلَّ يطلبُه في كلِّ شارقة ٍ … بيضاءَ من حرقٍ عليهِ ملتهبا
ليسَ التعجبُ من خيرٍ نعمتَ بهِ … لكنه من عذابٍ فيه قد عذبا
إنَّ المعارفَ أنوارٌ مخبرَة ٌ … من عنده تُخرقُ الأستارُ والحُجُبا
إنَّ اللبيبَ كذي القرنين شيمتُهُ … ما ينقضي سببٌ إلا ابتغى سببا
إذا انتهى حكمُهُ في نفسِ صاحبِهِ … يريكَ في كونِهِ من أمرهِ عجبا
فتبصرُ الفضة َ البيضاءَ خالصة ً … عادتْ بصنعتهِ المثلى لنا ذهبا
كما يصيرُ عينَ الشمسِ في نظري … من أيمن الطورِ في وادٍ به لهبا
لقدْ تحوَّلَ لي منْ عينِ صورتِهِ … بغيرِ صورتِهِ فيما بهِ ذهبا
فكنتُ أطلبُهُ والعينُ تشهدُهُ … ولستُ أعرفه لما به احتجبا
فقلتُ هذا أنا فقالَ ها أنا ذا … فقلتُ منْ قالَ لي لا تتركِ الطَّبا
والله لو نظرتْ عيناك من نظرتْ … لما رأتْ غيرنا فلتلزمِ الأدبا
ولستَ تنظره إلا بنا فعسى … تقولُ حالَ عليهِ النومُ قدْ غلبا
حديثُ نفسي بنفسي والحديث أنا … كالفردِ يضربهُ فيهِ الذي ضربا
فلا تضاعفهُ ولا تعدِّدهُ … لأنه عينُه أكرم به نسبا