لهف نفسي على العيون المِراضِ – ابن الرومي

لهف نفسي على العيون المِراضِ … والوجوه الحسان مثل الرياضِ

حال بيني وبين أيَّامهن ال … بيض ما احتلَّ مفرقي من بياضِ

نظرتْ نظرة ً إلى المُلمَّا … ت فأغرينَهنَّ بالإعراض

فالعيونُ المراض يصْدفن طوراً … ويُلاحظن عن قلوبٍ مِراض

وبحقّ تجهَّمُ البيض بيضا … أعقبَتْهُنّ أربعونَ مواضِي

ليس بيضٌ من المشيب رثاثٌ … شكلَ بيضٍ من الغواني بضاض

ورفيفُ السواد كالرّشق بالنَّبْ … لِ ولوحُ البياض كالإنباض

ذاك يصطادُك الظّباءَ وهذا … تتداعى ظباؤه بانفضاض

عجباً للشباب يرمي فيُصمي … وظِباءُ الأنيس عنه رواضي

والمشيبُ البريءُ يُعرضُ عنه … أو يُلاقى بجفوة ٍ وانقباض

وغناء الخضاب عن صاحب الشَّي … ب غناءُ الرُّقى عن الممراض

ملبسٌ فيه فرحة ٌ من غرورٍ … وهْو باقٍ وترحة ٌ وهو ناض

خُدعة ثم فزعة ٌ إن هذا … لحقيقٌ بكثرة الرُّفّاض

حَسَرتْ غمرة ُ الغواية ِ عنّي … ولقد خُضْتُها مع الخوّاض

أجتني الأقحوانَ والوردَ والنر … جسَ عفواً من الغُصونِ الغِضاض

ثم عادت عوائدُ الدهر تَمْحُو … بالتَّقاضي محاسنَ الإقراض

كنتُ أرْني وكنت أرني فأغضض … تُ وأغضضتُ أيَّما إغْضاض

أدْركتني الخطوب ركضاً على ظه … ر خفيٍّ مسيرهُ ركاض

ويسيرٌ على الفتى الشيبُ ما لم … يقضِه حَتفَه المؤجَّل قاضي

ولهَانتْ على امرىء ٍ أخْطأتْه … شكَّة السهم صكَّة المعراض

عدّ ذكرَ الشباب والرُّزء فيه … واعزم الصبرَ عزمة َ ابن مُضاضِ

إنّ ذكرَ الحميد غيرُ حميدٍ … حين يعرُوك رائدا في ارتماضِ

كان شرخُ الشبابِ قَرْضَ الليالي … ووراءَ القروضِ قِدما تقاضي

وستسلاه بالتَّقادم لا بلْ … بالأُسَى بل بصاحبٍ مًعْتاض

إن خيراً من الشباب بنو الف … ياض للمُشْتري أو المقتاض

معشرٌ يغدرُ الشبابُ ويُوْفُو … ن وما المبْرمُون كالنُّقاض

من أُناسٍ ترى الفضائلَ فيهم … صِبغة َ الله فهي غيرُ نَواضي

سادة ٌ إن سألتَ عنهم أخا الإح … نة ِ أثْنى عليهمُ غيرَ راضي

برع المجد فيهمُ فحباهُمْ … مدحَ ذي وُدّهم وذي الإبغاض

لم يزالوا مُفَضَّلينَ على النا … س بحُكمي مُغضبٍ ومُراضي

لهُم بالنّدى تطوُّعُ أحرا … رٍ يقيمونه مُقام افتراض

لم تَقُمْ سُوقُهُمْ وسوق تجار ال … حمدِ إلا تفرُّقاً عن تَراضي

جُعِلَ الرّزق كالمناهل في الدُّن … يا وأيديهمُ له كالفراضِ

يبذُلونَ الحقوقَ لا عارضيها … فُدي الباذلُونَ بالعُرّاض

كم كَفوْنا من السنين جَرُوزاً … تَحْطُمُ العظمَ بعد بَرى النِّحاض

كم غدَوْنا كأن بِيضَ أيادي … يهم علينا سبائِبُ الرُّحَّاضِ

حَسَبٌ زائد الحِسابِ على الحُسْ … سَابِ أو عائلٌ على القُرّاضِ

أيها الطالب النّدى غير آلٍ … بيّن الحملِ مُفصح الإركاض

ضلّ منا الندى فلما نَشَدْنا … هُ وجدناهُ في بني الفيّاض

الرّغابِ السّجال للمعْتَفيهم … حين يَسْقُونَ والرّحابِ الحياض

نزلوا من مباءة ِ المجدِ قِدْماً … في مَناديحها الطِّوال العِراض

يبذْلُونَ الأموالَ طوراً وطورا … يقتنُونَ الأموال للأعراض

كَسَبُوها لمنحِها لا كقومٍ … كَسَبُوها لمنعها حُرّاض

ليس آلُ الفيّاض من ذلك الجي … لِ وليس الأمحاحُ كالأقياض

حاشَ لله ثم للسادة الأمْ … حاضِ من ذاكُمُ بني الأمحاض

فاتقي الرَّتْق راتقي الفَتق هيّا … ضي أخي البغي جابري المنْهاض

حاملي الثِّقَل واضِعي كُل ثِقلٍ … ينقضُ الظهرَ أيّما إنقاض

لهُمُ عِزَّة ُ المصاعيب إن شىء … تَ وإن شئْتَ ذِلَّة ُ الأحفاضِ

عندهُم من حماية ٍ واحتمالٍ … ما تقاضاهُ للعلا متقاضي

وُزَراءُ الخلائف المسْتشارُو … نَ إذا حار خائِضُو الأخواض

قلَّما اعتلّت الخلافة ُ إلا … ضمِنُوا بُرْءَها من الأمراضِ

هُمْ شَفَوْها من السَّقامِ وكانت … حرضاً هالكاً من الأحراضِ

ومتى غرَّ عاملٌ ما تولّى … فهُمُ الهانئون بالخضْخاض

وإذا دُوفِعتْ بهم حُججُ البا … طل كانت رهائن الإدحاض

يُوسعونَ الخَصْمَ الألَدّ من الإشْ … جاءِ بالحق أو من الإجراض

وتُلاقي مع الكتابة فيهم … كُلّ خوَّاض غمرة ٍ وخَّاض

يحمل الرمح حملهُ القلم النّض … و مُشيحاً بين القنا الأرْفاض

مُستقلا بجولة الفارس الثَّقْ … ف عيَّيا بحيضة الجيَّاض

لو تراهُ خلفَ السّنان يُهاوي … هِ لأبصرْتَ ماضياً خلف ماضي

وتوهَّمتَ ذا وذاكَ شهابَيْ … نِ بليلٍ تتابعا في انقضاضِ

غيرَ مأمونة ٍ هنالك منه … ذاتُ نَفْثٍ كثامِر الحُمّاض

فوقَ جِرْيالها جُفاءٌ تراه … طائراً قفَّ ريشُهُ لانتقاض

وله بعد ذاك ضربٌ ترى البي … ضة َ تنقاضُ منه أيّ انقياض

فاغرٌ في جماجم القومِ أفوا … ه جمالٍ أواركٍ أو غواضي

وله قبْلَ ذا وذاك نضالٌ … بمنايا على الرَّمايا قواضي

وإذا أعمل الدَّهاءَ فصِلٌّ … يُغمضُ الكيدَ أيَّما إغماض

سامعٌ كلَّ نبضة ٍ في فؤادٍ … بفؤادٍ سمَعْمَع نبَّاض

تَجِدُ الناشىء َ الرُّعيْرعَ منهم … بيّناً ذاك فيه قبلَ الخِفاض

كم لهم في الوَغى مواطنُ تَبْيَضْ … ضُ لهن الوجوهُ أيّ أبيضاض

وجديرٌ بذاكَ أبْناءُ كسرى … وهلِ الأسْدُ ناسياتُ العِضاضِ

تلك أنيابُها حِدادٌ ولم تَلْ … قَ أظافيرُها شبا مِقراضِ

ثم كَمْ خَلْوة ٍ لهم يَمْخضونَ الرْ … رأى فيها ناهيكَ من مُخَّاضِ

ينفضُونَ الغُيوبَ بالحدْسِ نَفْضاً … حين تَعْمَى بصائرُ النُّفَّاض

ويرُوضُونَ جامِحات المُلَّما … تِ إذا استصْعبتْ على الرُّواض

فهمُ في الغناءِ بالإرْب والبأْ … س أفاعي اللّصاب أُسدُ الغِياض

قد أعدَّتْهُم الملوكُ وكانوا … للمرامينَ نِعمَ حشْو الوفاض

لملاقاة ِ ليثِ غيلٍ هَصورٍ … ومُداهاة ِ حيَّة ٍ نَضْناض

عقْبُ صدقٍ من يَنْقرضْ ويُخلّف … هُ فليس انقراضُهُ بانقراض

يتخطَّى العِداتِ عمداً إلى البدْ … ل كَسَحّ الحيا بلا إيماض

مُستريحاً من العِدات مُريحاً … طالبي رِفدِه من التَّركاض

فإذا ألْقح العِدات لهمْ يو … ماً ولدْنَ الغِنى بغيرِ مخاض

مُجهضاتٍ نتائجاً سالماتٍ … أبدا من مناقِض الإجهاض

يتبارى إليه مُنْتجعُو العُرْ … فِ فيلقوْنَ مُزهِر الأرواض

ذا نوالٍ مُيمَّم نَعْتفيه … في طريقٍ مُذَلَّلٍ مُرتاض

ليس ينفكُّ يترك الكُومَ أنقا … ضاً ويبنى عرائك الأنقاض

نائلٌ لم يزلْ مُفاضاً علينا … بيمينه من ثراءٍ مُفاضِ

فاطو مَبْسوط كلّ أرضٍ إلى المبْ … سوطِ من فَضْلِهِ الطُوالِ العُراضِ

إنّ خلف الفضاءِ سَيْبا فضاءً … من عليٍّ يُلْقى إليه مُفاضي

لا تُشَدُّ الأغراض إلا إليه … ثم أطلق معاقدَ الأغراض

جَبَرتْني يدا أبي الحسن المِحْ … سانِ حتى جُبرتُ بعد انهياض

أُطلِقتْ كَفُّهُ بنفْعِي فأطلق … تُ مديحي فيه بغير إباض

ألجمَ الدهرَ لي وكان خليعاً … فمشى بي في القصيد بعد اعتراض

واطمأن الفِراش تحتي وقد كا … ن شديدَ النُّبوّ والإقضاض

وتلاهُ أبو محمد المح … مودُ في الناسِ دون الثَّرى الفضَّاض

حسُنَ المحسِنُ المحسَّنُ كُلا … لا كقومٍ مُحسَّني الأبعاض

من فتًى لو رضيتُ بالناس قَيْضاً … منه كنتُ الغبينَ عند القِياض

فسقاني امرؤ ترى لجة البح … رِ لديه حَوْضاً من الأحواض

يُنكر الفتكَ وهو أفتكُ بالده … رِ وأحداثِه من البرَّاض

ويرى كلّ غادرٍ مُستحاضاً … عجبا من مُذكرٍ مَستحاضِ

وإذا قادِرٌ تعرَّى من الحِل … مِ غدا في قميصه الفَضْفاضِ

يتجافى عن الذُّنوبِ اللواتي … قد أمَضَّتْهُ أيّما إمْضاضِ

وله الوطْأة ُ التي ما أصابتْ … أقلَعَتْ منه عن رُضاض فُضاض

كُلّما ابْتِيضَ من سناءٍ سنامٌ … تمكو من سنامِه المبْتاض

وحَباهُم بمدحتي سيدٌ مِن … هُمْ حباني في دَهري الغضَّاض

ذو البناءِ العليّ أعْنِي عليَّا … لا يكُنْ ما بنى لوشكِ انْتقاض

ماجدٌ يزجر الخطوبَ فترْفضْ … ضُ عن الآمليه أيّ ارفضاض

مُتلفٌ مُخْلِفٌ مُفِيتٌ مُفيدٌ … خَيرُ جَمَّاع ثَرْوة ٍ فَضّاض

يفعلُ الخيرَ أو يحُضُّ عليه … سابقاً كُلّ فاعلٍ حضَّاض

ما رأى خلَّة المُحقّين إلا … خَلَطَ الجُودَ عندها بامتعاض

يُصبحُ المصبحون في سيبه الفَيْ … ياضِ أو في حديثه المسْتَفاض

رافعٌ طرْفه إلى حسناتِ ال … جُودِ عن سَيِئاتِهِ مُتغاضي

ذاكرٌ كسْبهُ المحامد ناسٍ … أنه مَسْلكٌ إلى الإنفاض

وكذا السادة ُ الحقيقُونَ بالسؤ … دَدِ أهلُ النُهوضِ والإنهاض

رَافِعو طرفِهِمْ إلى حَسَنِ المجْ … دِ وعمَّا يسُوءُ منه مَغاضي

لو يشاء انْتحى هناك على كُلْ … ل مُسيءٍ بمنسم رضَّاضِ

رُبّ مُخْتَلِّ معشرٍ قد كفاهُ … ومُخِلٍّ شفاهُ بالإحماض

جَدَّ سعياً فبلَّغتْه مساعٍ … لم تَزَلْ قبل حمله في ارتكاض

مَبْلغاً تُنغِضُ الرؤوس لراجي … هِ وحُقَّت هناك بالإنغاض

إنّ مُسْتنهضيكَ يا حسنَ الحُسْ … نَى لمستنْهضُو فتًى نهَّاض

رُبّ وانينَ أيْقظُوكَ لأمرٍ … ثُم نامُوا وأنت في إيفاض

نامَ عن شأْنِه أخو الشأنِ منهُم … حينَ لم تَكْتَحِلْ بطعْمِ اغْتِماض

بِعتَ حُلْو الكَرى بمُرِّ سُرى الظَّل … ماءِ تختاضُها مع المخْتاض

ثم هجَّرْتَ في الهجِير وقد شُبْ … بَ على جَمرِهِ من الرَّضراض

عالما أنّ رِفعة الذّكرِ للأرْ … فِع سيرا وليس للخفَّاض

قائلاً حبذا سُرى الليلِ دأْبا … واصطلاء الحرورَ ذي الإرماض

ما كَسوبُ العلا بمفترش الخفْ … ضِ وليس الصَّيودُ بالرّباض

دُونَكمْ منطِقا يسيرا عسيرا … فرْضُ أمثاله على الفُراض

ذا معانٍ يقولُ مُنْتقِدُوها … كلُّ بكرٍ رهينة ٌ بافتضاض

وقوافٍ يقول مُستمِعُوها … آذنْتَ كلُّ صعبة ٍ بارتياض

فالبسوا خِلعتي تملَّيْتُموها … في اعتلاءٍ وضِدُّكم في انخفاض