لها كلَّ يومٍ نشطة ٌ وعقالُ – مهيار الديلمي

لها كلَّ يومٍ نشطة ٌ وعقالُ … وفي كلّ دار حلّة ٌ وزيالُ

فلا شوقَ إلا بالزيارة يشتفى … ولا بعدَ إلا باللقاء يزالُ

إذا العيسُ حنّت للمعاطن لم يصحْ … بأعناقها إلفٌ عليه يمالُ

سفا البيد مرعاها الجميمُ ووردها ال … زلالُ سرابٌ بالفلاة وآلُ

فمن حاكمٌ بين الدؤوبِ وبينها … إذا ما تقاضت أظهرٌ ورحالُ

ومنصفُ أيديها إذا ما تقاصرت … خطاها وبوعُ الليل بعدُ طوالُ

يرامى بها الأخطارَ كلُّ ممرَّنٍ … بحمل خطوب الدهر وهي ثقالُ

بصيرٌ بكيد الليل لا يعتشي به … ظلامٌ وأبصارُ النجوم ذبالُ

أخو قفرة ٍ لا يؤنسُ الذئبَ ريحها … فما هي إلا خابطٌ وضلالُ

وأسهمَ ذاوى الشخص خافٍ كأنه … مع الصبح في خدّ السَّماوة ِ خالُ

يرى الوطنَ المحبوبَ حيث تفيّأتْ … عليه العلا لا قلَّة ٌ وظلالُ

ويبدنهُ عرقُ الهواجرِ لحمهُ … وأسمنُ مجدٍ ما اقتناه هزالُ

جبِ الأرضَ ما دامت عليها نشيطة ٌ … وفيها لسارٍ مسرحٌ ومجالُ

فإما ذرى أفقٍ مسحتَ هلاله … وإما ثرى أرض عليك يهالُ

يخوِّفني فيما أطوِّف بالردى … كأنى إن قايلتُ منه أقالُ

وهل يئل الإنسانُ مما وراءهُ … وقدامهُ مفضى ً له ومآلُ

وللموتُ خيرٌ من حياة ٍ مضيمة ٍ … ومن عيشة ٍ أعلى بها وأطالُ

ورزقُ يد السئول مفتاحُ بابه … وشرُّ نوالٍ ما جناه سؤالُ

دعيني أعادي الدهرَ إن صديقه … يكاد ينادى ودُّه ويغالُ

وأنضو قناعَ السلم بيني وبينه … كفاحا وسلم الغادرين قتالُ

فلو كان حرّاً نفسه ووفاؤه … لما كان حرُّ العرض منه يذالُ

ولو كرمت أخلاقه الهجنُ لم تحلْ … لديه لأبناء المكارم حالُ

وعزَّ بنو عبد الرحيم ونالهم … فما كان بالأيدي القصارِ ينالُ

ولم يتغوّر كوكبٌ من سمائهم … ولم يتخمّر بالسَّرار هلالُ

ومن موقهِ لم يدَّرئهم بصرفه … وهم جننٌ من صرفه ونصالُ

ولن تشظَّى شقّة ٌ من عصاهمُ … لها قوّة ٌ من كفّه وصيالُ

بمن وتعرَّت دولة ٌ من جمالهم … يكون عليها شارة ٌ وجمالُ

ومن ظلّ تستأسى الملوكُ برأيه … ويحسم داءَ الملك وهو عضالُ

تهاوت سلوكُ العقدِ فهي بدائدٌ … وأرخيت الأمراسُ فهي سحالُ

فكيف يبين الخرتُ والعينُ عورة ٌ … ويبرمُ أمرٌ واليمين شمالُ

يريدون أن تستنهضوا بوسوقها … مطايا خطاها بالحمول ثقالُ

وقد علقوا البزلَ القرومَ وقرِّنت … بكارٌ تضاغى تحتها وفصالُ

فأوشك سارٍ أن يقيِّده الونى … وأوثقَ أقتادَ المطيِّ كلالُ

سيقصم ظهرٌ بالحويّة نافرٌ … وتسقطُ حتى أنسعٌ وجلالُ

قضاءٌ سقيمٌ ثم يعقبُ صحة ً … وإن طال من داء السِّقام مطالُ

وسقيا قليبٍ ما صفت وتكدَّرت … تداولها بين الرجال سجالُ

وكم زحمتكم قبلهامن ملمة ٍ … فطاحت رفاتا والجبالُ جبالُ

وجادلكم في حقكم متكبّرٌ … بباطله ثمَّ المجالُ مجالُ

ينوِّر قدحا من زنيدٍ ورى له … من الظن لا مرخٌ ولا هو ضالُ

تلاعا شفوفا للعيون ومالها … إذا احتلبت فوق التراب بلالُ

وستة ُ أيام الدوامِ بهائمٌ … منصَّفة ٌ إلقاحهن حيالُ

على الله فاحملها وثق بعوائد … لها في عداكم عثرة ٌ ونكالُ

فإن ولغتْ في نعمة ٍ بعد نكبة … فقد تيبسَ الغدرانُ ثم تسألُ

وللشرّ أيامٌ تمرّ وتنقضي … كما لمسرات النعيم زوالُ

إذا سلمت أعيانكم وأصولكم … فكل الذي فوق التراب جفالُ

كأنك بالإقبال قد قام عنكمُ … يرامي وأبراجُ السعود نبالُ

وقد خفقت تهفو برايات نصركم … رياحُ العلا منها صبّاً وشمالُ

فما عزلكم إلا خديعة ُ ليلة ٍ … وما سرّ منه الشامتين خيالُ

فلا يفرح الباغي عليكم بسعيه … فما كل عثراتِ السُّعاة ِ تقالُ

فإن كان بعض الصلح أغراه مرّة ً … فسوف بما قد كال بعدُ يكالُ

وما مبتغ نقل الوزارة عنكمُ … سوى سائلٍ بالطَّود كيف يشالُ

يدرّون منها غيرَ جارٍ وإنها … رحى ً بيتكم قطبٌ لها وثفالُ

لها بينهم ذلّ الغريب وأنتمُ … قبيلٌ لها دون الأنام وآلُ

إذا فارقتكم لم تكن عن خيانة ٍ … نواها ولا جرّ الفراقَ ملالُ

فيعطفها شوق إليكم وصبوة ٌ … ويصرفها عنكم صباً ودلالُ

وأنت الذي لا الخوف يسطو بصبره … ولا بتهاويل الزمان يهالُ

تجرّبك الأحداث لا السيف يلتوي … هزيما ولا الهضبُ الأشمُّ يزالُ

سموت فما يسمو سموَّك شارقٌ … كأنك علوٌ والنجوم سفالُ

وأعطيتَ في المعروف مالك كلَّه … فما لك في دفع النوائب مالُ

وصدَّقتَ وصف المادحين فإن غلوا … فلا قولَ إلا وهو منك فعالُ

خلقتَ كما سرَّ العلا وشجا العدا … فأنت صلاحٌ مرة ً ووبالُ

قسائمُ ماءُ المنع منها محرّمٌ … وكفٌّ نباتُ الرزق منه حلالُ

فلا تفجع الدنيا بمجدك إنه … لمجدِ بنيها قبلة ٌ ومثالُ

ولا برحت تشقى وتندم دولة ٌ … لها عوضٌ من غيركم وبدالُ

لقد عكسوا ألقابهم وسماتها … إلى أن وهى ركنٌ وذلَّ جلالُ

وليدة ُ ناديكم وغرسُ أكفّكم … تربُّ بتدبيراتكم وتعالُ

فعادت بكم أيامكم مثلما بدت … وسعدكمُ عالٍ فليس يطالُ

يراضعكم كأسَ المودّة شربها … رضاعَ دوامٍ ليس عنه فصالُ

ولاح لعين الملك وجهُ صباحهِ … فإن السُّرى تحت الظلام ضلالُ

لقد نزعته من أخيك إذا انتدى … ومنك مقامٌ في العلا ومقالُ

فهل في تميم نهضة ٌ بمفاخرٍ … إذا بزَّ منها صاحبٌ وعقالُ

وزادتك حفظا للعهود خرائدٌ … لها الفمُ حالٍ والفؤادُ حجالُ

تعوذُ بمهديها وبالله أن ترى … أواصرُ منها قطِّعت وحبالُ

وأن تتبعَ الأقلامَ في مدح غيركم … وذلك عارٌ عندها وخبالُ

بقاؤك يغنيها وودُّك مهرها … متى فاتها رفدٌ لكم ونوالُ

لها منك كفؤ لا تقرُّ لغيره … إذا كان مما تشتهيه بعالُ

يسوِّم فيها المهرجانُ طريرة ً … لها يومَ هجر العاشقين وصالُ

تعودُ بها بشرى بعودِ زمانكم … له عائفٌ جربتموه وفالُ