لمْ يَكَدْ يَسْبِقُ القضَاءَ نذيرُ – خليل مطران
لمْ يَكَدْ يَسْبِقُ القضَاءَ نذيرُ … وَتقضَّى عُمْرٌ وَتَمَّ مَصِيرُ
إِنَّ رُزْءَ الجُمَيِّلِ العَلَمِ الفَرْ … دِ لَرُزْءٌ فِي المَشْرِقيْنِ كَبِيرُ
إِنَّ بَكَتْهُ وَأَجْمَعَتْ أُممُ الضا … دِ فَمَنْ مِثْلُهُ بِذَاك جَديرُ
كَمْ فَتىً كَانَ فِي فَتاها المُسجَّى … يَمْلأُ العَيْنَ فضْلُهُ المَوْفُورُ
وَيْحَ قَلْبِي طَال الثَّواءُ وَحوْلِي … دائِرَاتٌ عَلى الرِّفَاقِ تَدُورُ
لا اعْتِرَاضٌ عَلى القَضَاءِ وَلَكِنْ … كلَّ يَوْمٍ أُصابُ هَذَا كَثِيرُ
مَا ذِمَامِي مَا نجْدَتِي ما وَفَائِي … إِنْ يَكُ النَّوْحَ فَالفِداءُ يسِيرُ
أَسَفاً أَيُّهَا الرَّفِيقُ المُوَلِّي … وَالأَخُ البَرُّ وِالصَّفِيُّ الأَثِيرُ
قدْ تَقَدمْتَ فِي الحَيَاة فهلاَّ … سَرَّنَا فِي بَقَائِكَ التَّأْخِيرُ
أَخَلا المَجْلِسُ الَّذي كَانَ يَغْشَاهُ … أَدِيبٌ وَنَائِبٌ وَوَزِيرُ
يَلْتَقِيهِمْ حُلْوُ الفُكاهَةِ طَلْقُ الوَجْه … ثَبْتُ الجَنَانِ سَمْحٌ وَقُورُ
أَيْنَ تِلكَ الأَسْمَارُ كَانَتْ بِهَا تَصْفُو … اللَّيَالِي وَأَيْن ذَاكَ السَّمِيرُ
يَا لَقَوْمِي مِثَالُ أَنْطونَ لَوْ صَوَّ … رْتُهُ لَمْ يُحِطْ بِه التَّصوِيرُ
كَيْف وَصْفِي مَا جَلَّ أَوْ دَقَّ مِنْهُ … وَالفنَا مُقْعِدي فَمَنْ لِي عَذيرُ
خُلْقٌ كَامِلٌ وَطَبْعٌ رَقِيقٌ … وَذَكَاءٌ جَمٌ وَجَاهٌ وَفِيرُ
وخِلالٌ مِنْ مَعْدنِ الأَدَبِ الزا … هِي بِأَنْوَارِه لهُنَّ صُدُورُ
كَاتِبٌ نَسْجُ وَحْدِهِ وَخَطِيبٌ … مَا لَهُ فِي المُناظِرِين نَظِيرُ
لَمْ يُزَاوِل نَظْمَ القَرِيضِ وَلَكِنْ … بَزَّ أَسْمَى النَّظِيمِ مِنهُ النَّثِيرُ
إِنْ عَلا مِنْبَراً لِقوْلٍ فَمَا فِي … الحَشْد إِلاِّ التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ
شَأْنُهُ فِي الشُّيُوخِ بَلَّغَهُ غَا … يَةَ ما يَبْلُغُ الحَصِيفُ الصَّبُورُ
وَاسِعُ الصَّدْرِ وَالحَوَادثُ قَد … تَشْتدّ حَتَّى بِهَا تَضِيقُ الصُّدُورُ
فِي الأُمُورِ الصِّعَابِ يَمضِي فَمَا … يَثْنِي عِنَاناً حَتَّى تُرَاضَ الأُمُورُ
صَحَفِيٌّ فِي كُلِّ مَطْلَعِ شَمْسٍ … يَبْعَثُ الرَّأْيَ بِالهُدَى وَيُنِيرُ
تَخِذَ الصِّدْقَ فِي السِّيَاسَةِ نَهْجاً … وَعَدَاهُ التَّضْلِيلُ وَالتَّغْرِيرُ
لا يُجَارِي عَلى افْتِئَات … وَلا يَعْدَمُ مِنْهُ نَصِيرَهُ التَّفْكِيرُ
ومَجالُ النَّضَالِ لِلحقِّ رَحْبٌ … حَيْثُ يَدْعُو اللَّهِيفُ وَالمُستَجِيرُ
فِي الأَعَاصِيرِ فلْكُه تَتَهَادَى … فَإِذَا مَا اهْتَدَتْ فلَيْسَتْ تَجُورُ
كَمْ بكَاهُ فِي كل مَعهَدِ إِحْسَا … ن عَلِيلٌ وَعَاجِزٌ وَفَقِيرُ
إِنَّ فَارُوقنَا المُعَظمَ لا … يَفْتَأْ لِلنَابِغِينَ نِعْمَ النَّصِيرُ
مَنَحَ الرُّتْبَةَ الرَّفِيعَة أَحْجَا … هُمْ بِهَا وهْوَ بِالكُفَاة خَبِيرُ
فِي جَلالِ العَطَاءِ مِنْهُ لِعَالِي … رَأْيِه فِي المُقَدَّمِينَ ظُهُورُ
وأُولُو الأَمْرِ فِي العُروبَةِ لَمْ … يُخْطِئْهُمْ فِي الجُمَيّلِ التَّقْديرُ
بينَ مَن كافَأُوا بِأَسْنى حِلاهُمْ … مَنْ لَهُ ذلِكَ المَقَامُ الخَطِيرُ
يَا فَقِيداً مِثَالُهُ خالِدٌ فِي … كَلِّ قَلْبٍ وَذِكْرُهُ مَبْرُورُ
لا ثَوَابٌ كفَاءُ فَضْلِكَ إِلاَّ … مَا يُثِيبُ اللّهُ العَلِيُّ القَديرُ