لمْ أرَ مثلكِ يا أمامَ خليلاَ – جرير
لمْ أرَ مثلكِ يا أمامَ خليلاَ … أنّأى بحَاجَتِنَا، وَأحْسَنَ قِيلا
لوْ شئتِ قدْ نقعَ الفؤادُ بمشربٍ … يَدَعُ الحَوَائِمَ لا يَجِدْنَ غَلِيلا
بالعذبِ في رصفِ القلاة ِ مقيلهُ … قَضُّ الأباطِحِ لا يَزَالُ ظَلِيلا
أنْكَرْتَ عَهْدَكَ غَيرَ أنّكَ عَارِفٌ … طَلَلاً بِألْوِيَة ِ العُنَابِ، مُحِيلا
لمّا تَخَايَلَتِ الحُمُولُ حَسِبتُها … دوماً يشربَ ناعماً ونخيلا
فتعزَّ إنْ نفعَ العزاءُ مكلفاً … الشوقِ يظهرُ للفراقِ عويلا
قَطَعَ الخَليطُ وِصَالَ حَبلِكَ منهُمُ، … وَلَقَدْ يَكُونُ بحَبْلِهِمْ مَوصُولا
و رعتُ ركبي بالدفينة ِ بعدَ ما … ناقلنَ منْ وسطْ الكراعِ نقيلا
منْ كلَّ يعلمهِ النجاءِ تكلفتْ … جوزَ الفلاة ِ تأوهاً وزميلا
إنّي تُذَكّرُني الزّبَيرَ حَمَامَة ٌ، … تدعو بمجمعِ نخلتينْ هديلا
قالَتْ قُرَيْشٍ: ما أذَلّ مُجاشِعاً … جَاراً وَأكْرَمَ ذا القَتِيلَ قَتِيلا
لوْ كانَ يعلمُ عذرَ آلُ مجاشعٍ … نَقَلَ الرّحَالَ، فأسْرَعَ التّحْوِيلا
يا لهفَ نَفْسي إذْ يَغُرّكَ حَبْلُهُمْ … هلاَّ أتخذتَ على القيونِ كفيلاَ
أفبعدَ متركهمْ خليلَ محمدٍ … تَرجُو القُيُونُ مَعَ الرّسُولِ سَبيلا
وَلَّوْا ظُهُورَهُمُ الأسِنّة َ بَعْدَمَا … كانَ الزبيرُ مجاوراً ودخيلا
لَوْ كُنْتَ حُرّاً يا ابنَ قينِ مُجاشعٍ … شيعتَ ضيفكَ فرسخينَ وميلاَ
أفتى الندا وفتى َ الطعانِ غررتمُ … وَفَتى الشَّمَالِ، إذا تَهُبّ بَلِيلا
قتلَ الزبيرُ وأنتمُ جيرانُ … غياً لمن غرَّ الزبيرَ طويلا
لو كنتَ حينَ غررتَ بينَ بيوتنا … لَسَمِعتَ من صَوتِ الحَديدِ صَليلا
لحماكَ كلُّ مغاورٍ يومَ الوغى … وَلَكَانَ شِلْوُ عَدُوّكَ المأكُولا