لما شهدتُ الذي في الكونِ من صورِ – محيي الدين بن عربي
لما شهدتُ الذي في الكونِ من صورِ … عين الذي كنت أبغيه بلا صورِ
علمتُ أن الذي أبغيه يطلبني … بالعلم بي لا به فانهض على أثري
ترى الذي قد رأينا من منازله … في كلِّ آية ٍ تنزيهٌ من السورِ
وكلُّ آية ٍ تشبيهٌ ومحكمة ٌ … تُتلى علينا من المكتوبِ في الزبر
ومَطلبُ الحقِّ منا أن نوحِّدَه … رباً كما هوَ في القرآنِ والنظرِ
ما مطلبُ الحقِّ منا أنْ نكيفهُ … حتى نراه بمجلى الشمسِ والقمرِ
ولا تفكرتُ فيه ما بقيتُ ولا … يزال من فكرهِ عقلي على غررِ
في آلِ عمرانِ جاءَ النصُّ يطلبني … بما لديه من التخويفِ والخدر
وذاك عن رأفة ٍ منه بنا ولذا … يتلى علينا معَ الآصالِ والبكرِ
الليلُ للهِ لا لي والنهارُ معاً … لأنه الدهر فانظر فيه واعتبر
لا تعتبرْ نفسهُ إنْ كنتَ ذا نظرٍ … مسددٍ ولتكنْ تمشي على قدرِ
إنَّ المعارجَ والإسرا إليه بهِ … على البراقِ الذي أنشأتُ من فكري
حتى انتهيتُ إلى ماشاءه وقضى … تركتهُ وامتطينا رفرفَ الدررِ
عند التفاتي به إذ كان ينزل بي … إلى السماءِ يناجيني إلى السحرِ
ودَّعته ثم سرنا حيث قال لنا … إذا به عن يميني طالباً أثري
لما تأمّلته لم أدر صورته … وعلمنا أنهُ هوَ غاية ُ الخطرِ
غفلتُ عنهُ لهُ إذ كانَ مقصدُهُ … مني التغافلَ بالتحويلِ في الصورِ
لأنه عالم أني أميّزه … لمَّا تكفلني منْ حالة ِ الصغرِ
له ولدتُ لهذا ما برحتُ له … مشاهداً ناظراً فيهِ إلى كبري
لذاك أخبرنا بأنه معنا … على مكانتنا في بدوٍ أوْ حضرِ