لله دَرُّ عصابة ٍ سارت بهم – محيي الدين بن عربي
لله دَرُّ عصابة ٍ سارت بهم … نجبُ الفناءِ لحضرة الرحمانِ
قطعوا زمانهم بذكرِ إلههم … وتحققوا بسرائرِ القرآنِ
ورثوا النبيَّ الهاشمي المصطفى … من أشرافِ الأعرابِ من عدنانِ
ركبوا بُراق الحبِّ في حرم المنى … وسروا لقدسِ النورِ والبرهانِ
وقفوا على ظهرِ الصفا فأتاهمُ … لبنُ الهدى من منزل الفرقانِ
قرعوا سماءَ جسومهم فتفتَّحت … أبوابُها فبدت لهم عينان
عينٌ تبسم ثغرها لمّا رأتْ … أبناءَها في جنة ِ الرضوانِ
وشمالها عين تحدَّرَ دمعُها … لما رأتهم في لظى النيرانِ
قرعوا سماءَ الروحِ لما آنسوا … جسماً ترابياً بلا أركانِ
فبدا لهمْ لاهوتُ عيسى المجتبى … رُوحاً بلا جسمٍ ولا جثمانِ
كملَ الجمالُ بيوسف فتطلعوا … لمقام إدريسِ العليِّ الشانِ
ورثوا الخلافة َ عندما نالوا منى … موسى كليمِ الراحمِ الرحمانِ
سجدَ الملائكة ُ الكرام إليهم … دونَ اعتقادِ وجودِ ربٍّ ثاني
طمحتْ بهم هماتهم فتحللوا … في حضرة الزُّلفى قِرى الضيفانِ
كملت صفاتهم العلية وارتقوا … عن سدرة الإيمانِ والإحسانِ
للذاتِ كان مصيرهم فحباهمُ … بشهودهِ عيناً بلا أكوانِ
وصلوا إليه وعاينوا ما أضمروا … من غيبِ سرِّ السرّ كالإعلان
سبحانه وتقدَّست أسماؤه … وعن الزيادة ِ جلّ والنقصان