للحقِّ في الأكوانِ حدٌ يعلمُ – محيي الدين بن عربي
للحقِّ في الأكوانِ حدٌ يعلمُ … وهوَ الذي يدريهِ منْ لا يعلمُ
خلقتهُ أفكارٌ لنا بقلوبنا … أينَ الإلهُ منَ الحدوثِ الأقدمُ
وتنوعَ التفصيلُ فيهِ لعزة ٍ … لعقولنا والأمر ما لا يفهم
لو أنهم سكتوا وقالوا لم نجد … حداً بهِ يقضى عليهِ ويحكمُ
غير استناد وجودنا لوجودِه … جاؤوا بما عنهُ الوجودُ يترجمُ
لا تعتقدْ غيرَ الذي تتلوهُ في … النصِّ الذي نطقَ الكتابُ المحكمُ
وعليهِ فاعتمدوا وقولوا مثلَ ما … قد قاله عن نفسه واستلزموا
واعبد إله الشرع لا تعبد إله … العقل وانقادوا إليه وسلِّموا
فالناسُ مختلفون في معبودهم … فمنزهٌ معبودهمُ ومجسمُ
وبذا أتتْ أقوالهُ عن نفسهِ … فتراه ما يبنى يعود فيهدم
والحقُّ حقٌّ والتناقضُ حاصلٌ … في نفسه وهو السبيلُ الأقوم
قد قاله الخراز عنه مصرحاً … واحتجَّ بالآيِ التي لا تكتمُ
فالق الإله بكل عقد لا تقف … مع واحدٍ فيفوتُ عنكَ فتندمُ
كيف السبيلُ لنيلِ ما قلنا وقد … مجتهُ ألبابٌ وصموا ما عموا
لم يستند أحد إلى عدم وما … عرف الوجودَ وحكمه مستلزم
ماذا يرومُ العهدَ لمْ يظفرْ بهِ … فهو الغني به الفقيرُ المعدم