لكِ الغرامُ وللواشي بكِ التعبُ – مهيار الديلمي

لكِ الغرامُ وللواشي بكِ التعبُ … و كلُّ عذلٍ إذا جدَّ الهوى لعبُ

أما كفاه انصرافُ العين معرضة ً … عنه وسمعٌ بوقرْ الشوق محتجبُ

و أن قلبا وأحشاء مدغدغة ً … إذا استقامتْ حمول الحيّ تضطربُ

لاموا عليكِ فما حلوا وما عقدوا … عندي وعابوا فما شقوا ولا شعبوا

فكلُّ نارِ هوى في الصدر كامنة ٍ … فاللوم يسعرها والعذلُ يحتطبُ

آهاً لوحشة ِ ما بيني وبينكمُ … إذا خلتْ من دلاءِ الجيرة ِ القلبُ

و عطت القورَ والأجراعَ نوقكمُ … طروحَ عيني وحالت بيننا الكثبُ

من اشتكى الشوقَ إذ هزت وسادتهُ … مدامعٌ تنتحي أو أضلعٌ تجبُ

فما أسفتُ لشيءٍ فائتٍ أسفي … من أن أعيشَ وجيرانُ الغضا غيبُ

قد كنتُ أسرقُ دمعي في محاجره … تطيرا بالبكى فاليومَ أنتحبُ

لا يبعدِ اللهُ قلباً ظلَّ عندكمُ … لم يغنني عنه نشدانٌ ولا طلبُ

سلبتموهُ فلم تفتوا برجعته … و ربما ردَّ بعدَ الغارة السلبُ

فأين إذمامكم قبلَ الفراق له … ألاَّ يضامَ ولا تمشي له الريبُ

أسيرة ٌ لكمُ في الغدرِ حادثة ٌ … تخصُّ أم رجعتْ عن دينها العربُ

يا أهل ودي وما أهلاً دعوتكمُ … بالحقَّ لكنها العاداتُ والدربُ

كابها نتسمى قبلَ غدركمُ … فاليومَ كلُّ اسم ودً بيننا لقبُ

أشبهتم الدهر في تلوين صبغتهِ … فكلكم حائلُ الألوان منقلبُ

كنتم عليَّ مع الأيام إخوتها … و ليس إلا عقوقي بينكم نسبُ

صبراً وإن كان ملبوسا على جزعٍ … ظلمتُ والصابرُ المظلومُ محتسبُ

لعلَّ عازبَ هذا الحظَّ يرجعُ لي … يوما وقاعدَ هذا الجدَّ بي يثبُ

و ليتَ أنَّ كمالَ الملكِ خالصة ٌ … آراؤه لي ورأيُ الناسِ مؤتشبُ

بل ليتَ أنَّ قضاياه مواهبهُ … فكان إنصافه في عرضِ ما يهبُ

فتى ً قنعتُ به من بين منْ حملتْ … خوصُ الركابِ فسارت تنقلُ الركبُ

أحببته حبَّ عيني أختها ويدي … يدي ولي في مزيدٍ منهما أربُ

و كان لي حيثُ لا جفنٌ لناظرهِ … حفظاً وصوناً ولا تحمي الظيا القربُ

عطفاً لحقيَّ وإسبالاً على ذممي … كأنه وهو مولى في الحنو أبُ

يرعى شواردَ فيه لم تسرْ معها … ريحٌ ولا طمعتْ في شأوها السحبُ

فغالبتني على ذاك المكان يدٌ … للدهر كان لها مذ ملني الغلبُ

ملالة ٌ لم تطرْ فيها مطاولة ٌ … و بغضة ٌ كالتجنيَّ ما لها سببُ

قسا فأصبح للواشين بي أذناً … تليقُ ما اختلفوا عنيَّ وما اجتلبوا

لو قيل إني سرقتُ السمعَ أو صرفوا … إليَّ تبديلَ دينِ اللهِِ أو نسبوا

لما امترى أنَّ رسلَ الله بي جبهوا … بالردَّ أو حرفتْ على أمريَ الكتبُ

فقل له طيب اللهُ الوفاءَ له … و الحقُّ يسفرُ والبهتانُ ينتقبُ

يا ناقدَ الناس كشفا عن جواهرهم … متى تغيرَ عن أعراقهِ الذهبُ

و كيف أفسدَ سوءُ الحظَّ خبرك بي … حتى بدا لك أنّ الدرّ مخشلبُ

أغيرَ أنَّ فراشاً طار ينأم بي … لو شئتَ كان بنار الردَّ يلتهبُ

أبعد أن رضتني عشرينَ أو صعدتْ … لا الجريُ تنكره مني ولا الجنبُ

يروى لك الخرقُ عن حزمي فتقبله … صفحاً ويحذبك الواشي فتنجذبُ .

حاشاكمُ أن تكونوا عونَ حادثة ٍ … أو ترتميني على أيدكم النوبُ

أذنبيَ الحبُّ والإخلاصُ عندكمُ … فإنّ ذنبي إلى أياميَ الأدبُ

أما وقومكَ والمجدُ التليدُ لهم … إذا حلفتُ بهم والدينُ والحسبُ

ما خلتُ والدهر لا تفنى عجائبهُ … أنّ العلا نافقٌ في سوقها الكذبُ

و لا عجبت لدهري كيف يظلمني … و إنما ظلمكم أنتم هو العجبُ .

يا من به صحَّ سقمُ العيشِ واجتمعتْ … على توحدهِ الأحزابُ والشعبُ

و من كفى الملكَ ما لم يكفِ صارمهُ … و ردَّ عنه الذي ما رده اليلبُ

و من توسط أفقَ المجد فاعتدلتْ … به البدورُ ولبت أمرهُ الشهبُ

على بساطكِ تقضى كلُّ مبهمة ٍ … يعنو بها الخطبُ أو تعيا بها الخطبُ

و هالة ُ البدرِ دستٌ أنت راكبه … و تارة ً هو غابُ الضغيم الأشبُ

بشرٌ وقورٌ وجدٌ ضاحكٌ ورضاً … لولا الطلاقة ُ خلنا أنه غضبُ

جرى بك الخلقُ الفضفاضُ وانقبضتْ … بك المهابة ُ فالسلسالُ واللهبُ

و أفقرتك العطايا والثناءُ غنى ً … و أنصبتك العلا والراحة ُ النصبُ

من عندهُ نشبٌ لا مجدَ يعضدهُ … فإنّ عندك مجدا ما له نششبُ

حللتُ باسمك عقدَ الرزق فاندفعتْ … عراه تفصمُ لي عفوا وتنقضبُ

و كنتَ واسطة َ العقد الذي انتظمتْ … عنه السلوكُ ولم تخدشْ به الثقبُ

أنتم رفادة ُ ظهري إن وهي جلدي … و درة ُ العيشِ لي والضرعُ معتصبُ

و مشربي العدُّ والغدرانُ غائرة ٌ … منكم ليَ الحوضُ أو منكم ليَ القربُ

قدمتموني فلي رهنُ السباقِ ومنْ … يلزني بعدُ مجنوبٌ ومعتقبُ

عزى بنفسي ولكن زادني شرفا … أني اليكم إذا باهلتُ أنتسبُ

و الناسُ غيركمُ من لا يجاوزني … أبياته عمدٌ تبنى ولا طنبُ

إذا صفوتم فلا وردي ولا صدري … منهم وإن أملحوا يوما وإن عذبوا

لي منكم الجبهة ُ الغراء والعتقُ ال … تلعاءُ والناس بعدُ الرسغُ والذنبُ

فلا تنلني الليالي فيكمُ بيدٍ … إلا التبابُ لها والشلُّ والعطبُ

و لا تصبكم عيونُ الدهر إنّ لها … إلى الكمال لحاظاً سهمها غربُ

و إن أتى رائدُ النيروزِ مجتدياً … أيمانكم فالروابي الخضرُ والعشبُ

فمن جباهكمُ نورُ الربيع لنا … و من أكفكمُ الأنواءُ تنسكبُ

يومٌ يكرُّ به إقبالُ جدكمُ … غداً على ملككم ما كرت الحقبُ

تجلونَ من حسنه حظَّ العيونِ فلل … أشعار فيكم حظوظُ السمعِ والطربُ

فما بقيتم فأيامي بعزكمُ … كما أحبُّ وأحوالي كما يجبُ