لقيت من الوجد واللائمينا – حيدر بن سليمان الحلي

لقيت من الوجد واللائمينا … ضنى ً شفَّ جسمي وأقذى العيونا

فلم أدرِ ماذا بقلبي أمضّ … وجدي أم عذلُ العاذلينا؟

الائمتي بعض هذا الملام … فالأمر ليس كما تزعمينا

ذريني اُدمّي غروب الجفون … واستشعر الحزن حيناً فحينا

لقد جذم الدهرُ يسري يديّ … فبانت وألحق فيها اليمينا

أصبرا وإنسانُ عيني يُسلُّ … بظفر الردى ساء ما تأمرينا

كفى حزناً أنَّ جسمي أقام … وقلبي استقلَّ مع الظاعنينا

أعينيَّ شأنكما والدموع … فما يترك الدهرُ دمعاً مصونا

له الذمُّ بالأمس قد بزَّني … وشيمته الغدرُ علقاً ثمينا

فغادر حجري منه خميصاً … وبطن الثرى منه أمسى بطينا

وغصنٌ نما في تراب العُلى … وأينع في روضة المجد حينا

ذوى بعدما أن زها برهة ً … وراق النواظر حسناً ولينا

وكنتُ متى عنَّ لي ذركهُ … أطلتُ عليه البكا والحنينا

مضى ما نسيناه لكنْ ثنى … بآخر يذكرنا ما نسينا

أهلتُ عليه ترابَ القبور … وعدتُ أكابدُ داءً دفينا

على أنني لم أزل منذ سبعٍ … أعدُّ الشهور له والسنينا

توَّسمت منه سمات الكمال … وقلتُ يكون لبيباً فطينا

فلما مخائله بشَّرتْ … بتحقيق ما ارتجى أن يكونا

وقامت على ما تفرست فيه … شواهد حققن فيه الظنونا

رمته المنونُ بسهم الحمام … من حيث لا أتوقى المنونا

فأصبحت أسمح للترب فيه … وكنت على اللحظ فيه ضنينا

بمن أتعلل في النائبات … إذا غادرتني كئيباً حزينا

ومن مؤنسي حيث ليل الخطوب … يمرُّ عليَّ الهزيع الدجينا

فقل لليالي بلغتِ المنى … وأدركت منّي ما تأملينا

لقد كنت بالأمس ذا مقلتين … أرى بهما ما يقرُّ العيونا

فقأت بسهمك يسراهما … وسرعان ما قد فقأت اليمينا

قعدتُ بعمياء مستصحباً … تريني أيامي البيض جونا

ولا تحسبيني لمّا شكوتُ … صنيعك لي عاجزاً مستكينا