لقد أبصرتْ عينيّ رجالاً تبرقعوا – محيي الدين بن عربي

لقد أبصرتْ عينيّ رجالاً تبرقعوا … ولوا حسروا ضجت على أرضها السما

فمن سالكٍ نهجَ الطريق مسافرٍ … إلى سفرٍ يسمو وفي الغيبِ ماسما

ومن واصلٍ سرَّ الحقيقة ِ صامتٍ … ولو نطق المسكين عجزه الورى

ومن قائمٍ بالحال في بيت مقدسٍ … فلا نفسه تظمأ ولا سرُّه ارتوى

ومن واقفٍ للخلقِ عند مقامهِ … ومنزلهُ في الغيبِ منزلهُ الأسا

ومن ظاهرٍ وسط المكانِ مبرِّز … له حكمة تسمو على كلِّ مستمى

ومن شاطحٍ لم يلتفتْ لحقيقة ٍ … قد أنزلهُ دعواهُ منزلة َ الهبا

ومن نيراتٍ في القلوبِ طوالعٍ … تدل على المعنى ومن يتصل يرى

ومن عاشقٍ سرَّ الذهابِ متيمٍ … قدأنحله الشوقُ المبرحُ والجوى

وصاحبُ أنفاسٍ تراه مسلطاً … على نارِ أشواقٍ بها قلبهُ اكتوى

ومن كاتمٍ للسرِّ يظهر ضده … عليه لطلاَّبِ المشاهدِ بالتقى

ومن فاضلٍ والفضلُ حَقٌّ وجودُه … ولكنَّ مايرجوه في راحة ِ الندى

ومن سيِّدٍ أمسى أديبَ زمانه … يقابلُ من يلقاه من حيثُ ما جرى

ومن ماهرٍ حازَ الرياضة َ واعتلى … فصار ينادي بالأسنَّة ِ واللهى

ومن ْ متحلٍّ بالصفاتِ التي حدا … بأجسادها حادي المنية ِ للبلى

ومن متحلّ طالبِ الأنس بالذي … تأزَّر بالجسمِ الترابيّ وارتدى

ومستيقظٍ بالانزعاجِ لعلة … أصابتهُ مطروحاً على فرشِ العمى

فقامَ له سرُّ التجلي بقلبهِ … فلم يفنَ في الغير الدنيّ ولا الدنا

ومن شاهد للحق بالحقِّ قائم … لهُ همتهُ تفني الزوائدَ والفنا

ومن كاشفٍ وهو الأتمُّ حقيقة ً … ولولا أبو العباسِ ما انصرفَ القضا

ومن حائرٍ قد حيَّرته لوائحُ … تقولُ له قد أفلحَ اليومَ مَنْ رقى

ومن شاربٍ حتى القيامة ما ارتوى … ومن ذائقٍ لم يدرِ ما لذة َ الطوى

ومن عزمة ِ والمكرُ فيها مضمن … ومن اصطلامٍ حلَّ في مضمرِ الحشا

ومن واجدٍ قد قامَ منْ متواجدٍ … فأبدى له الوجدُ الوجودَ وما زها

ومن ساترٍ علماً وهو إشارة ٌ … إلى عارفٍ فوقَ الأقاويلِ والحجى

ومن ناشر يوماً جناحَ يقينه … يطيرُ ويسري في الهواءِ بلا هوى

ومن باسطٍ كفَّيه وهي بخيلة ٌ … ولولا وجودُ البخلِ مامدح الندى

وصاحبِ إثباتٍ عظيمٍ جلالُه … تتوجَ بالجوزاءِ وانتعلَ السهى