لعمر الواشياتِ بأمِّ عمروِ – مهيار الديلمي

لعمر الواشياتِ بأمِّ عمروِ … لقدْ أغرينَ والتَّأنيبُ يغري

حسدنَ مودة ً فحملنَ إفكاً … وعبنَ وعائبُ الحسناءِ يفرى

يردنَ على الوفاءِ نزوعَ خلقي … وما ساومني شططا كغدري

وهلْ هيفاءُ إنْ غدرتْ وجارتْ … سوى غصنٍ منَ الأرواحِ يجري

وقلنَ تلوَّنتْ لكَ حينَ ملَّتْ … وليسَ على الملالة ِ كلُّ هجرِ

تقلِّبها أصابيغُ الغواني … على الطُّعمينِ في حلوٍّ ومرِّ

وأينَ منَ الحفاظُ لها فؤادي … إذا لمْ ألقَ زلَّتها بعذرِ

ومنْ يصبحْ هواكَ لهُ أميراً … عليكَ فدارهِ في كلِّ أمرِ

وأبعدُ ما ظفرتَ بهِ حبيبٌ … جراحتهُ تصحُّ بكلِّ سبرِ

وإنَّ أحبَّتي لبنو زماني … كلا العودينِ منْ سنخٍ ونجرِ

فهبني مبدلاً خلاًّ بخلٍّ … فهلْ أنا مبدلٌ دهراً بدهرِ

سألبسُ ما كسيتَ وربَّ كاسٍ … يزخرفكَ الملابسَ وهو معري

وأحملهمْ وإيَّاهمْ بقلبٍ … يفي بالثِّقلِ لي إنْ خانَ ظهري

ولستُ بواجدٍ قلباً صحيحاً … إذا نخلتْ دفينة ُ كلِّ صدرِ

فلا تتعنَّ لائمة ٌ بعذلي … ولا تغمز فما تسطيعُ كسري

ولا يخفِ الصَّديقُ شبا لساني … على عرضٍ ولا لسعاتِ فكري

فلا ألقى بغيرِ الصَّبرِ قرنا … لعلِّي أجتني ثمراتِ صبري

وإنْ ضعفتْ أواصرُ منْ رجال … شددتُ بأسرة ِ الكرماءِ أسري

وفاءَ منَ الوزيرِ عليَّ ظلٌّ … يقيني الضَّيمَ منْ حرٍّ وقرِّ

وأحجبُ نائباتِ الدَّهرَ منهُ … بخوصٍ لا تحصِّلني وشزرِ

تراني أعينِ الأيّامِ منهُ … بوافي الظلِّ أخضرَ مسبكرِّ

وكيفَ يريني وحماهُ بابي … وهيبتهُ عنِ الأبصارِ ستري

ودوني منْ حمايتهِ خميسٌ … أخو عرضينِ يبهمُ كلَّ ثغرِ

تزمجرُ في جوانبهِ أسودٌ … على ألبادها أسلاتُ نصرِ

تظفَّرُ باسمهِ الميمونِ أنِّي … سرتُ حتّى الحوادثُ ليسَ تسري

نفذتُ برشدهِ فنفضتُ طرفي … وصلتُ بحدِّهِ فقضيتُ نذري

وكيفَ يضلُّ أو يخشى ابنُ ليلٍ … سطا بمهنَّدٍ وسرى ببدرِ

أقولُ لمنفضينّ ترحلُّوها … مطايا أزمة ٍ وركابَ ضرِّ

تعسَّفَ عيشهمْ فطوى عليهمْ … وأيديهمْ على سغبٍ وفقرِ

يمنُّونَ الطَّوى ليلا بليلٍ … وتعريسَ السُّرى فجراً بفجرِ

وراءَ الرِّزقِ مختبطينَ ترمي … بهمْ أصدارها قفراً بقفرِ

وراءكمْ ارجعوا فتضيَّفوها … بيوتاً لا مجاعة َ وهي تقري

تصرَّفَ باليفاعِ مطنِّبوها … معَ الكرمينِ منْ حلبٍ ونحرِ

إذا ما احتلَّها الطُّراقُ لاحتْ … لأيديهمْ عصامة ُ كلِّ عسرِ

بنو عبدِ الرَّحيمِ على حباها … بنو الأبوينَ منْ لسنٍ وفخرِ

وإنَّ ببابلٍ منهمْ لطودا … يضعضعُ كلَّ أرعنَ مشمخرِّ

وبحراً منْ بني سعدٍ عميقاً … بغير قرارة ٍ وبغيرِ قعرِ

حمى حرمِ الوزارة ِ منهُ عاصٍ … على الأقرانِ في كرٍّ وفرِّ

خضيبُ النَّارِ والأظفارِ ممّا … يقدُّ على فريستهِ ويفري

إذا ما هيجَ عنها ثارَ منهُ … إلى الهجاجِ عاصفة ٌ بقرِّ

إذا الغاراتُ طفنَ بهِ كفتهُ … زماجرُ بينَ همهمة ٍ وهمرِ

فما يمنعْ يبتْ ما بينَ نسرٍ … معَ العيُّوقِ مجنوبٍ ونسرِ

كفاها بالسِّياسة ِ بعدَ عجزٍ … وأمَّنها على حذرٍ وذعرِ

ربى في حجرها وتداولتها … مناكحَ منهُ شفعاً بعدَ وترِ

فما نفرتْ منَ الغرباءِ إلاَّ … أوتْ منهُ إلى ولدٍ وصهرِ

وإنْ تظفرْ بعذرتها رجالٌ … حظوا بطلاقة ِ الزَّمنْ الأغرِّ

وأعقبهمْ على الأيَّامِ ذكراً … فعصركَ بالكفاية ِ خيرُ عصرِ

براكَ اللهُ سهماً دقَّ عمَّا … تريسُ لهُ بنو ثعلٍ وتبري

إذا الرَّامي ثلاثاً أو رباعاً … أصاب أصبتَ منْ عشرٍ بعشرِ

فداؤكَ مغلقُ الجنبينِ يأوي … إلى صدرٍ يضيقُ بكلِّ سرِّ

إذا ثقلتْ وسوقُ الرأيِ أقعى … يحكُّ بظهرهِ منْ غيرِ عسرِ

ومعتلُّ البنانِ على العطايا … يظلُّ البخلَ في عرضِ التَّحرّي

يجودُ وما عليهِ فضولُ حقٍّ … على عدمٍ ويمنعُ وهو مثري

ومولى وهو حرٍّ عبَّدتهُ … هباتكَ في زمانٍ غيرَ حرِّ

رعيتَ لهُ أواصرَ محكماتٍ … علقنكَ معلقَ المرسِ الممرِّ

تذكَّرها بعهدٍ منكَ حيٍّ … وشكرُ الملكِ يقتلُ كلَّ شكرِ

ولكنْ ما لشعري في هناتٍ … تطارحني الظُّلامة َ ليتَ شعري

وما عتبٌ اسمّيهِ التَّجني … وننبزهُ الأعادي باسمِ غدرِ

أشكَّاً في وفائي بعدَ علمٍ … وقدحاً في حفاظي بعدَ خبرِ

وإعراضاً عنِ الشِّيمِ اللواتي … عليها طينتي طبعتْ وفطري

أأعزفُ عنكمُ أبغي بصوني … لساني معَ معاسرة ٍ وفكرِ

وإنِّي لا أرى الدُّنيا كفاءً … لشيءٍ فيهِ منقصة ٌ لقدري

وأحملُ ملءَ أضلاعي جراحاً … ولمْ أحملْ لعيبٍ خدشَ ظفرِ

أبغضاً أمْ لأنِّي سنِّي مدَّتْ … فدامَ عليكمُ ردِّي وكرِّي

ولمْ يمللْ مديحكمُ لساني … فكيفَ مللتمُ منْ طولِ عمري

وكيفَ وزنتمُ بي منْ عساهُ … يودّ بباعهِ لو قاسَ فتري

فهلْ في الأرضِ أفسقُ في حديثٍ … منَ العازيْ إليَّ مقامَ شرِّ

وما أنَّا منْ وشايتهِ وإنِّي ال … ذي رقَّاهُ منْ خلِّي وخمري

مطارٌ لستُ منهُ وليسَ منِّي … بعيدُ الشَّوطِ في نفعي وضرّي

فإنْ أنصفْ فإنَّ يداً تولَّتْ … كسوري تهتدي لمكانِ جبري

وإنْ أحرمْ قضاءَ العدلِ أرجعْ … إلى كفئينِ منْ هجرٍ وصبرِ

وأعلمُ بعدُأنَّكَ أنتَ باقٍ … على العهدينِ منْ صلتي وبرِّي

وأنَّكَ لو رأيتَ التُّربَ فوقي … لقمتَ بقدرة ٍ فوليتَ نشري

تسمَّعها سمعتَ الخيرَ توعِ ال … فصاحة َ بينَ معتبة ٍ وشكرِ

أنلها الودَّ واجتلها هنيئاً … ولولا الودُّ لمْ تقنعْ بمهرِ

وغادِ صبيحة َ النيروزِ منها … بنشطة ِ ثيِّبٍ وحياءِ بكرِ

وطاولْ مدَّة َ الأيَّامِ واسحبْ … ذيولَ الملكِ منْ بيضٍ وخضرِ

إلى أنْ ترجعَ الغبراءُ ماءً … وتمشي الرَّاسياتُ بها وتجري

أناوبكَ المديحَ مدى حياتي … وأنشدهُ أمامكَ يومَ حشري