لعلها واليأسُ منها أغلبُ – مهيار الديلمي

لعلها واليأسُ منها أغلبُ … إن نأتِ اليومَ غداً تستقربُ

حاجة ُ صدرٍ لك لا ملفوظة ٌ … و لا تسوغُ حلوة ً فتشربُ

أضحكُ من مواعدِ الدهرِ بها … مما يجيءُ باطلا ويذهبُ

و دونها أن ينتهي لجاجها … ذو صبغتين دينه التقلبُ

في كلّ يومٍ مرسلٌ مغالطٌ … لي عنده وشافعٌ محببُ

و حلفة ٌ كاذبة ٌ وفي فمي … شكيمة ٌ من أن أقولَ تكذبُ

ملَّ فلا الحصاة ُ من فؤاده … تلينُ لي ولا اللسانُ يرطبُ

اللهَ يا هيفاءُ لي في زمنٍ … نعيمهُ بعدكمُ معذبُ

و كبدٍ يصدعها كلُّ أسى ً … بها الكبودُ القرحاتُ تشعبُ

لا سلوة ُ البعدِ المريحِ عصمة ٌ … منكِ ولا الهمّ المراح يعزبُ

و كلما أطمعَ فيكِ سببٌ … آملهُ أياسَ منكِ سببُ

يعيشُ قلبي وهو عيشٌ مؤلمٌ … ثم يموتُ وهو موتٌ طيبُ

نفسكَ يا معطي الهوى قياده … إنك في خيط الهوانِ تجنبُ

و إن هويتَ فانتصرْ بغدرة ٍ … عن ثقة ٍ أنَّ الوفاءَ العطبُ

قالت على البيضاء أختُ عامرٍ … أسفرَ في فوديك ذاك الغيهبُ

و من بلاياكِ وإن عبتِ به … شبابُ حبيَّ وعذاري الأشيبُ

غدركِ والخمسونَ أيّ روضة ٍ … قشيبة ٍ بينهما لا تجدبُ

و ما الذي أنكرتهِ من ليلة ٍ … يطلعُ فيها قمرٌ أو كوكبُ

ما نصلتْ إلا بماءِ مقلتي … فليتها بماءِ قلبي تخضبُ

و عاذلٍ لا سقيتْ غلتهُ … بالغور ما يروى ولا ما يعذبُ

يزعمُ أن كلَّ دارٍ رامة ٌ … و أنّ كلَّ ذاتِ حجلٍ زينبُ

حلفتُ يومَ ينحرُ الناسُ بها … ساجدة ً أذقانها والركبُ

يعطى المنى منها الذي يستامهُ … طلى ً تطيحُ وجنوبٌ تجبُ

مثل التلاعِ بازلاً وحقة ً … قامَ عليهنّ الربيعُ المخصبُ

و المشرفاتِ من منى كأنها … على ظهور الهضباتِ حدبُ

و بالملبينَ سعوا فنفضوا … ذنوبهم وجمروا وحصبوا

و ما حوى وأي فضلٍ ما حوى … ذاك العتيقُ البارزُ المحجبُ

لو نسبَ المجدُ لما كان إلي … غير بني عبد العزيزِ ينسبُ

من أرضهم طينتهُ وفيهمُ … رواقهُ وبيتهُ المطنبُ

أقسمَ لا فارقهم وأقسموا … ما دام خلداً من أبانَ منكبُ

حيَّ على رغم البدورِ غرراً … تقدحُ في فحم الدجى فتثقبُ

وردْ نفوسا حرة ً وأيديا … تحيلُ في المحلِ عليها السحبُ

تبادروا الجودَ فلاطوا حوضهُ … لهم ليالي وردهِ والقربُ

و انتظموا سوددهم القنا … لكن صدورٌ ليس فيها أكعبُ

داسوا بأعقابهمُ هامَ العلا … و اقتعدوا ظهورها واعتقبوا

شمّ الأنوفِ والسيوفِ قصرتْ … دروعهم وهي سباغٌ تسحبُ

يمشونَ رجلي فيخالُ أنهم … من شارة ٍ ومن شطاطٍ ركبوا

توارثوا الملكَ فلا خلافة ٌ … إلا لهم سريرها والموكبُ

و منهمُ في حربها وسلمها … رمحٌ يخطُّ ولسانٌ يخطبُ

حليُّ كلَّ دولة ٍ عاطلة ٍ … و بشرُ كلَّ نعمة ٍ تقطبُ

إذا الخطوبُ حسمتْ بخدعة ٍ … أو ردعة ٍ لانوا لها وصعبوا

إن كتبوا قلتَ اصطلاما طعنوا … أو طعنوا قلتَ بلاغاً كتبوا

ترى الجبالَ في الحبى إن جلسوا … و الأسدَ هيجَ شرها إن وثبوا

لهم قدامى الفخرِ ما تنقلهُ … لك الرواة ُ وتريك الكتبُ

و خيرُ ما استطرفتهُ حديثهم … إذا الكرامُ زانهم ما أعقبوا

و ولدوا أبا الحسين فرأى ال … مجدُ به كيف نموا وأنجبوا

برزتَ في عقدهمُ واسطة ً … لها من الأبصار ما يستلبُ

بيضاءَ مما أبغضَ الغواصُ في ال … فحص عليها أنفساً تحببُ

و مطلتهم دونها أمنية ٌ … رواغة ٌ وحقبٌ وحقبُ

حتى قضى الصبرُ لهم قضاءهُ … و استحييتِ الأيام مما نصبوا

فاستخرجوها تملأ الراحة َ وال … عينَ فقالوا درة ٌ أم كوكبُ

و شرفتْ فلقبتْ فخرَ العلا … لو لم يقعْ دون سناها اللقبُ

و كيف لا تطلعُ بدرا فيهمُ … و الشمسُ جدٌّ لك والنجمُ أبُ

ألقى الكمالُ طائعا عنانهُ … اليك يرخى تارة ويجذبُ

و أقعصَ الأقرانَ عنك قلمٌ … ممرنٌ وخاطرٌ مدربُ

و قمتَ قرحانا فتيا بالعلا … قيدَ عنك القارحُ المجربُ

ورثتَ فضلا لو قنعتَ لكفي … لكن أبيتَ غيرَ ما تكتسبُ

كالليثِ لا تحلو له فريسة ٌ … لا ينتقي فيها ولا يخلبُ

و كم سواك لم يجزْ حسابهُ … أعدادَ ما تملي عليه الحسبُ

حويتَ إعظاما وقد مثلتَ لي … رائدَ عينيَّ وقلتَ تكذبُ

أدمية ٌ صيغتْ أم البدرُ هوى … و بشرٌ أم ملكٌ مقربُ

معجزة ٌ جاء الزمانُ غلطا … بها وآوى ٌ كلهنَّ عجبُ

و كرمٌ على اللسان حاضرٌ … يشفُّ منه الكرمُ المغيبُ

و راحة ٌ مطلقة ٌ طارحها ال … عرضُ المصونُ أن يهون النشبُ

سحرتني ودارُ عزي بابل … و قدتني وأمُّ رأسي تصعبُ

و ملكتني لك نشوانَ الهوى … خلائقٌ غناؤهنّ مطربُ

ملأتَ بالبشرِ وطابَ أملي … و بعضهم بكيئة ٌ لا تحلبُ

حتى رقى الحاوي فأصيغتُ له … و كدتُ مع شدة ِ زهدي أرغبُ

و قلت عاش لزهيرٍ هرمٌ … و قام في أهل الزبيرِ مصعبُ

أرضيتني عن الزمان بعد ما … حرقَ أضلاعي عليه الغضبُ

و عاد بردا وسلاما بك لي … ما توقدِ الدنيا وما تحتطبُ

أغنيتني قبلَ اللها مودة ً … و الودّ عندي خيرُ رفدٍ يوهبُ

و قربتني منك أولى نظرة ٍ … حتى كأنا لم نزل نصطحبُ

فراسة ٌ أيقظك المجدُ لها … و فطنة ٌ على سواك تعزبُ

و همة ٌ إذا ركبتَ ظهرها … أدركتَ من أخرى العلا ما تطلبُ

فاسمع أقرطك شنوفا درها … لغير آذانكمُ لا يثقبُ

من المصوناتِ التي تعنستْ … خلف الخدورِ وهي بكرٌ تخطبُ

تنافسَ الملوكُ في مهورها … و اقترعوا في حبها واحتربوا

عندهمُ الرغبة ُ والودّ لها … و عندها الملالُ والتجنبُ

و زادها نزاهة ً وورعاً … مني أبٌ على البناتِ حدبُ

ليس عليه للتمني طاعة ٌ … و لا له في الشهواتِ أربُ

لا يمدح الناسَ ولكن مدحكم … يلزمُ في دين العلا ويجبُ