لبستُ من الدهر ثوباً قشيبا – حيدر بن سليمان الحلي

لبستُ من الدهر ثوباً قشيبا … ورحتُ بكفيه منه سليبا

وأصبح كلى له مقتلاً … فحيث رمى كان سهماً مصيبا

رماني بصمّاء توهى القوى … وقال إليك توقَّ الخطوبا

فشأنك ما بعد أمَّ الخطوب … بقلبي تحدثُ وسماً غريبا

وقائلة ٍ قد أصابَ الحمام … سواك، وذلك قلبي أصيبا

فنهنه من الوجد ما قد يعيبُ … وكفكفْ من العين دمعاً سكوبا

فقلتُ، وقلبي أنفاسه … من الوجد توري بصدري لهيبا

ألائمي أن أصيب المزاد … بما فيه لابد من أن يصوبا

أطيلي العويلَ معي والنحيبا … وإلا دعيني أقاسي الكروبا

خذي اليوم عن جميل العزاء … فقد ملأ الوجدُ قلبي وجيبا

أتأملُ نفسي إذن ليتها … أصيبت بسهم الردى أن تطيبا

وبالأمس قد وسّدت خدَّه … ترابُ القبور فأمسى تريبا

ويا صاحبيَّ قفا بي عليه … نعط القلوب أسى ً لا الجيوبا

واعقر قلبي لدى قبره … بسيف الشجا لا جياداً ونيبا

وأنضح من دم قلبي عليه … جفوني دماً ليس دمعاً مشوبا

وأدعوه وهو وراء الصعيد … وإن كنت أعلم أن لن يجيبا

أغصناً ولم أجن منه الثمارَ … جنته يدُ الموت غصناً رطيبا

ونجماً له أشرقت مقلتاي … بغربهما يوم أبدي غروبا

عجبت، وما زال هذا الزمانُ … يريني في كل يومٍ عجيبا

تموتُ فتحرم شمَّ النسيم … وأحيا أشم الصبا والجنوبا

وتنزل في موحش مجدبٍ … وأنزل ربعاً أنيساً خصيبا

وتسكن أنت بضيق اللحود … وأسكن هذا الفضاءَ الرحيبا

كفاني بهذا جوى ً ما بقيتُ … يجدد في القلب جرحاً رغيبا