لبستني مليحة الغيب مرطا – عبدالغني النابلسي
لبستني مليحة الغيب مرطا … وبها قد تعلق القلب قرطا
ذات وجه يلوح من خلف ستر الشيء … فهو المكشوف وهو المغطى
حسنه أدهش العقول فحارت … أخذ الكل بالظهور وأعطى
يتجلى وتارة يتحلى … فنرى في الوجود قبضا وبسطا
نظم العالمين عقد لآل … أمره لا يزال للعقد سمطا
من رآه أصاب فيما رآه … والذي قد رأى السوى فيه أخطا
هو شمس وما سواه ظلال … وهو بدر لظلمة الغير غطى
أحكم الأمر فهو بالحكم باد … في جميع الشؤون حلا وربطا
يا قريب اللقا بعيد التجافي … لم توافي رهطا وتهجر رهطا
نحن هدنا إليك ممن سواك الأن … فاجعل لنا من الأمر قسطا
وتدارك نواظرا وقلوبا … أعجمتها الأوهام شكلا ونقطا
إنما أنت أنت والحكم شيء … منك وهو الجميع عدا وضبطا
دخل القلب دير عشق سليمى … يحتسي من لقائها الإسفنطا
فرأى ثم نسوة طالعات … من بحار الجمال يسكن شطا
ناظرات من الظبا بعيون … ناعسات من البواتر أسطى
في قدود كأنهن رماح … جعلت فتل من بها هام شرطا
كل هيفاء ينفح الطيب منها … كيف كانت تجول رفعا وحطا
أمر الله أن تطاع بحسن … راسم بالغرام في القلب خطا
بدر تم على قضيب تثنى … في كثيب بها عن المشي أبطا
هي شمس الضحى وبدر الدياجي … قد فنينا بها رضاء وسخطا
ثغرها بث عن صحيح البخاري … وأنا مسلم وقلبي موطا
إن عبد الغني لها الآن اسم … لقطته حواضن الكون لقطا
فهي طيف الخيال في نور طه … سيد الرسل كاشط السر كشطا
فعليه الصلاة منه وآل … وصحاب ما الريح صافح خطا
أو تغنى على الأراك حمام … وسرى بارق الحمى يتمطى