لا راجَعَ الطّرفُ باللّقا وسَنَهْ، – صفي الدين الحلي
لا راجَعَ الطّرفُ باللّقا وسَنَهْ، … إن ذاقَ غُمضاً من بعدِكم وسِنَهْ
طالَ على الصّبّ عُمرُ جَفَوتكُم، … فكلُّ يومٍ مِن الفِراقِ سَنَهْ
صبٌّ أجباَ الغرامَ، حينَ دَعا … طَوعاً، وألقَى إلى الهَوى رَسَنهْ
لم يقضِ من وصلكُم لبانتَهُ، … وإنْ قضَى في هواكمُ زمنَهْ
ما عرفَ الشّركَ في هواه، ولا … خالفَ دينَ الهَوى ولا سننَهْ
ولو غَدا، وهو عابدٌ وثَناً، … لمَا غدا غيرُ شخصكم وثنهْ
ما لامَهُ لائمٌ ليحزِنُه، … إلاّ وسلّى بذكركم حزنهُ
لولاكُمُ لم تبتْ جونحُهُ … حرّى ، ولا أنحَلَ الضّنى بدَنهْ
كم ضمنَ الدّمعَ ريَّ غلتِهِ، … فَما وفَى بعدَكم بما ضَمِنَهْ
لا تُودِعوا سِرّكم نَواظَره، … فهيَ على السرّ غيرَ مؤتمنهْ
نَواظِرٌ بالدّموعِ وافيَة ٌ، … وهيَ لإظهارِ سرّكمْ خَوَنَهْ
ورُبّ لَفظٍ فَصّلتُ مُجمَلَهُ، … والليلُ قد فصّلَ الضّحى كفنهْ
ساءتْ ظنُونُ الحسّادِ فيّ بهِ، … لمّا غَدا الجفنُ جافياً وسَنَهْ
لم يبسطوا العذرَ لي، ولا علموا … أنّ يَدي بالصنّيعِ مُرتَهَنَهْ
ولو بمدحِ المؤيدِ اعتبروا … لبدلتْ سيئاتهمْ حسنهْ
الملكُ الجامعُ الفَضائلِ والبا … ذِلُ في الصّالحاتِ ما خَزَنَهْ
يَمتَنُّ للقابلي عَطاهُ، ولا … يُقَلّدُ الوَفدَ في النّدَى مِنَنَهْ
ملكٌ لو أنّ البِحارَ تُشبِهُهُ، … لأصبحَ البحرُ باذلاً سفنهْ
ولو أتَى الأصمَعيُّ يُنشِدُهُ … شِعراً لأصبَحَ من خوفٍ به لحَنَهْ
ولو رعَى ألكنٌ عبارتَهُ، … أزالَ من سحرِ لفظهِ لكنَهْ
مهذَّبُ اللفظِ في الفصاحة ِ لا … كَسائِلِ المازِنيّ مَن خَتَنَهْ
من آلِ أيوبَ الذينَ لهمْ … حَماسَة ٌ بالسّماحِ مُقترِنَهْ
ذوي بيوتٍ في المجدِ سالمة ٍ، … كلُّ أفاعيلِهِنّ مُتّزِنَهْ
هم اشتروا الملكَ غالباً خطراً، … وصيروا أنفسَ العدَى ثمنهْ
طوراً سلاحَ الملكِ العقيمَ ترَى … تلكَ المساعي، وتارة ً جننهْ
يا مالِكاً دانَتِ المُلوكُ لَهُ، … واتبعتْ في اعتمادِها سننهْ
ومَنْ سَنا بِشره، ونائِلُهُ … رفّهَ سعي الحجابِ والخزنهْ
والصادقَ الوعدِ في الكتابِ ومن … فَداهُ ذو العَرشِ بعدما امتحَنَهْ
أوسعتَ للعبدِ من هباتِكَ ما … أضاقَ عن حَملِ بَعضِهِ عَطَنَهْ
أتعبتَ بالشكرِ جهدَ مهجتهِ، … كأنّها بالنّعيمِ مُمتَحَنَهْ
آنَسَهُ فَضلُكُمْ، فَما طَلَبتْ … مسكنهُ نفسهُ، ولا سكنهْ
أسلاهُ عن ألهِ صنيعكمُ … بهِ، وأنساهُ ظلُّكُم وطنَهْ
يعلنُ بالمدحِ والثناءِ، وقد … أشبَهَ في الوُدّ سرُّهُ علَنّهْ
ما ساءهُ غيرُ فوتِ مدتهِ، … وما قضَى تحتَ ظِلّكُمْ زَمَنَهْ
فلا أرتنا الأيامُ فيكَ ردًى ، … ولا أماطتْ عن حاسدٍ حزنهْ
وعَمّرَ اللَّهُ حاسديكَ لكَيْ … تَعيشَ في الذّلّ عيشَة ً خَشِنَهْ