لا تزيديه لوعة – بدر شاكر السياب
لا تزيديه لوعة فهو يلقاك … لينسى لديك بعض اكتئابه
قربي مقلتيك من وجهه الذاوي … تري في الشحوب سر انتحابه
و انظري في غصونه صرخة اليأس … أشباح غابر من شبابه :
لهفة تسرق الخطى بين جفنيه … و حلم يموت في أهدابه
و اسمعيه إذا اشتكى ساعة البين … و خاف الرحيل يقوم اللقاء
و احجبي ناظريه، في صدرك المعطار … وعن ذاك الرصيف المضاء
عن شراع يراه في الوهم ينساب … وموج يحسه في المساء :
الوداع الحزين شذى ذراعيك … عليه على الأسى والشقاء
حدثي حديثه عن ذلك الكوخ … وراء النخيل بين الروابي
حلم أيامه الطوال الكئيبات … فلا تحرميه حلم الشباب
أوهميه بأنه سوف يلقاك … على النهر تحت ستر الضباب
وأضيئي الشموع في ذلك الكوخ … وإن كان كله من سراب
كلما ضج شاكيا في ذراعيك … انتهاء الهوى صرخت انتهارا
فارتمي أين يرتمي صدره الجـ … ـاش حزناً وحيرة وانتظارا ؟
اغضبي وادفعيه عن صدرك … القاسي وأرخي على هواه الستارا
أوصدي الباب خلفه.. واتركيه … مثلما كان.. للدجى والصحارى