لا تحذرن فما يقيكَ حِذارُ – حيدر بن سليمان الحلي

لا تحذرن فما يقيكَ حِذارُ … إن كانَ حتفُكَ ساقه المقدارُ

وأرى الضنينَ على الحمام بنفسه … لا بدَّ أن يفنى ويبقى العار

للضيم في حسب الأبيّ جِراحة ٌ … هيهات يبلغ قعرها المسبار

فاقذف بنفسك في المهالك إنما … خوفُ المنيّة ذلّة وَصغارُ

والموت حيث تقصفت سمر القنا … فوق المطهّم، عزّة ٌ وفخار

سائل بهاشم كيف سالمت العدا … وعلى الأذى قرَّت وليس قرار

هدأت على حسك الهوان ونومها … قدماً على لين المهاد غرار

لا طالب وتراً يجرد سيفه … منهم ولا فيهم يقال عثار

ولرب قائلة وغرب عيونها … يدمى فيخفي نطقها استعبار

ماذا السؤال فمت بدائك حسرة … قضيت الحميّة ُ واستبيح الجارُ

ما هاشم ان كنت تسأل هاشم … بَعد الحسين ولا نزار نزار

ألقت أكفّهُم الصفاحَ وإنّما … بشبا الصوارِم تُدرك الأوتار

أبني لِويّ والشماتة ُ أن يُرى … دمكم لدى الطلقاء وهو جبار

لا عذر أو تأتي رِعالُ خُيولِكم … عنها تضيق فدافدٌ وقفار

مستنهضين إلى الوغى أبناءَها … عجلا مخافة أن يفوت الثار

يتسابقون إلى الكفاح ثيابهم … فيها وعمتهم قناً وشفار

متنافسين على المنيّة بينهم … فكأَنما هي غادة ٌ معطار

حيث النهارُ من القتام دُجنّة ٌ … ودجى القتام من السيوف نهار

والخيل دامية ُ الصدورِ عوابسٌ … والأرض من فيض النجيع غمار

أتوانياً ولكم بأشواط العلى … دون الأنام الورد والأصدار

هذي أُميّة ُ لاسرى في قُطرِها … غضُّ النسيم ولا استهلَّ قَطار

لبست بما صنعت ثيابَ خِزاية ٍ … سوداً نولى صبغهن العار

أضحت برغم أنوفكم مابينها … بنسائكم تتقاذفُ الأمصارُ

شَهدت قفار البيد أنَّ دموعها … منها القفار عدون وهي بحار

من كلّ باكية تجاوب مثلَها … نوحاً بقلب الدين منه أوار

حُمِلَت على الأكوار بعد خدورها … ألله ماذا تحمل الأكوار

ومروعة تدعو وحافل دمعها … مابين أجواز الفلا تيار

أمجشما أنضاء أغياب السرى … هيماء تمنع قطعها الأخطار

مرهوبة الجنبات قائمة الضحى … ويشوقها الأنجاد والأغوارُ

أبداً يموج مع السراب شجاعها … من حر ما يقد النقا المنهار

تهوي سباع الطير حين تجوزها … وتى وما للسيد فيها غار

يطوي مخارم بيدها بمصاعب … للريح دون ذميلها إحسار

من كل تريح بعقر دار لم غلمة … يسري لِواءُ العزّ أنّى ساروا

سمة العبيد من الخشوع عليهم … لله ان ضمتهم الأسحار

وإذا ترجلت الضحى شهدت لهم … بيض القواضب أنهم أحرار

قف نادِ فيهم أين من قد مُهّدت … بالعدل من سطواتها الأمصار

ماذا القعود وفي الأنوف حمية … تأبى المذلة والقلوب حرار

أتطامنت للذل هامة عزكم … أم منكم الأيدي الطوال قصار

وتظلُّ تدعوا آل حربٍ والجوى … ملؤ الجوانح والدموعُ غزار

أطريدة َ المختار لا تتبجحي … فيما جرت بوقوعه الأَقدار

فلنا وراء الثار أغلب مدرك … ما حالَ دون مناله المقدارُ

أسد ترد الموت دهشة بأسه … وله بأرواح الكُماة عِثار

صلّى الإله عليهِ من متحجّب … بالغيب ترقب عدله الأقطار