لا أرى للزمانِ يا صاح عذرا – حيدر بن سليمان الحلي

لا أرى للزمانِ يا صاح عذرا … أفيدري لمن تأبَّط شرّا

ولمن بغتة ً ألمَّ بخطبٍ … ساء فيه الأنامُ عبداً وحرّا

ردَّ فيه حزناً نواصي الليالي … ووجوهُ الأنام شعثاً وغبرا

وحشا المكرمات حرّى وعينُ الـ … ـمجد عبري ومهجة الفضل حرِّي

مَن عذيري من لائمٍ فيك لا أقـ … فذوى بغتة ً وقد كان نضرا

قد نعته العلياءُ وهو بقبرٍ … مذ حواه لصبرها صار قبرا

يا هلالاً رجوتُ يكمل بدراً … محقته يدُ الردى فاستسِّرا

مَن عذيري من لاثمٍ فيك لا أقـ … ـبل عذلاً وليس يقبل عذرا؟

لام حتى بلومه ضقتُ ذرعاً … مل ما ضقتُ في مصابكَ صدرا

قلت دعني ومقلة ً لي عبري … ببكاها ومهجة لي حرّى

لا تسمني قرارَ عيني فهذا … ضؤوها في ثرى اللحود استقرَّا

هو منّي شطرُ الحشا أوَأسلو … بعدما من حشاي فأرقتُ شطرا؟

عجباً صرتُ فيه أسمح للترب … ومنه عليه أطرح وقرا

بعد ظنّي على العيون جميعاً … أن ترى ذلك المحيّا الأغرّا

كان لي في حياته العيشُ حلواً … وهي اليوم بعده قد أمرّا

وبحسبي ما عشتُ داءً لنفسي … أنا أبقى ويسكن اللحدُ قسرا

كيف ما متُّ إنني لجليدٌ … وبه أنشبت يدُ الموت ظفرا

استجدُّ الثيابَ حياً لجسمي … وهو يبلى في الترب ميتاً معرّى

لم أخلني كذا أكون صبوراً … وفؤادي بسهمه قد تفرّى

رمتُ رفعَ الآلام عنه بجهدي … شفقاً لا لأبلغ الناسَ عذرا

وبذلت الطريفَ من جلِّ مالي … مع بذل التليد منه ليبرا

ورودِّي لو كان يبقى واملقتُ … إذا كان ذا لعيني أقرَّا

سوءة ٌ للزمان ما لي أراه … ساء مَن أحسنوا لأبناه طرّا

هم بنو المصطفى ومَن في البرايا … كبني المصطفى سماحاً وبرّا

فئة ُ المجد معشرُ الشرف المحض … قبيل العليا وناهيك فخرا

قد أرقَّ الحرصُ الأنامَ ولكن … لم يكن غيرُهم على الأرض حرّا

قد كساهم «محمدٌ» صالحَ الأفعال … بُرداً من فخره طاب نشرا

ورعٌ من رآه قال لعمري … إن لله في معانيكَ سرّا

ملكيُّ الصفات لكن تراه … بشرى َّ الأعضاء قد جلَّ قدرا

لك نفسٌ قدسيّة ٌ قد تمحضـ … ـت بها للإله سرّا وجهرا

هي تلك النفسُ التي بين جنبي … ذي المعالي أخيك ليست بأخرى

شرعاً قد سموتما للمعالي … وإليها ركبتما النجمَ ظهرا

تمَّ فيه ما كان ساء وسّرا … فهو ملء الزمان نفعاً وضرّا

ذو يسارٍ يزرى بيمنى سواه … ويمينٍ كانت لراجيه يسرا

هي أجرى من البحار نوالاً … ومن الغاديات أغزرُ دَرّا

تخصب الأرض في نداه إذا الجد … بُ أديمُ الصعيد فيه اقشعرّا

كيف لا تحسد النجومُ ثراه … وبه قد سما على الشهب فخرا

ثم حلاّ معاً بأرفع مجدٍ … طلعا في سماه شمساً وبدرا

فغدا كلُّ نيِّرٍ بهما هادٍ … لمن رام للمكارم مسرى

يا بني المصطفى رسختم حلوماً … فغدوتم على النوائب صبرا

ذا الجزا أنتمُ حرِّيون فيه … لكن الصبرُ أنتم فيه أحرى

ومصاب الماضي يهون إذا ما … كنتَ أنت الباقي وإن عزَّ قدرا