كُنْتَ فِي المَوتِ والْحَيَاةِ كبِيراً – خليل مطران

كُنْتَ فِي المَوتِ والْحَيَاةِ كبِيراً … هَكَذَا المَجْدُ أَوَّلاً وَأَخِيرَا

ظَلْتَ فِي الْخَلْقِ رَاجِحَ الْخُْقِ حتَّى … نِلْتَ فِيهِمْ ذاكَ المقَامَ الْخطِيرَا

فَوْقَ هامِ الرِّجالِ هَامتُك الشماءُ … تزْهُو عُلىً وَتَزْهرُ نُورَا

عِبْرَةُ الدَّهْرِ أَنْ تَرَى بَعْد ذَاكَ الْجَاهِ … فِي حَدِّ كُلِّ حَيٍ مَصِيرَا

مَا حَسِبْنَا الزَّمانَ إِنْ طَاَل مَا طَا … لَ مُزِيلاً ذَاكَ الشَّبَابَ النَّضِيرا

إِنَّ يَوْماً فِيهِ بَكَيْنَا حَبِيباً … لَيْسَ بِدْعاً أَنْ كَانَ يَوْماً مَطِيرَا

يَا لهُ مِن عَمِيدِ قَوْمٍ تَوَلَّى … لَم يكنْ مُزدَهَى وَلا مَغْرُورَا

جَعلَ الحِلْمَ دَأُبَهُ وَتَوَخَّى السَّلمَ … مَا اسطَاعَهُ سَماحاً وَخِيرَا

وَهْوَ مَن لا تنَالُ مِنْهُ الأَعَادِي … لَو غَدَا بَعْضُهُم لِبَعْضٍ ظَهِيرَا

نَاطَ بِالعَقلِ أَمرَهُ كُلَّهُ وَالعَقلُ … خَيرٌ فِي كُلِّ حَالٍ مُشِيرَا

حزْمُهُ عَلَّمَ الضَّعِيفَ إِذا اسْتَبْصَرَ … أَنَّى بِالحَزمِ يَغْدُو قَدِيرَا

فَإِذَا مَا اسْتَقَالَهُ عَثْرَةَ الْجِدِّ … عَزيزٌ أَقَالَ جَدّاً عثُورَا

وَإِذَا أَعوَزَ الوَفِيَّ نَصِيرٌ … يَدْرَأُ الضَّيْمَ كانَ ذَاك النَّصِيرَا

بَلَغَ المُنْتَهَى مِنَ الحَظِّ فِي الدُّنْيا … ثَرَاءً وَصِحَّةً وسُرُورَا

وَحَيَاةً مدِيدَةً وَمِنَ الأَبْنَاءِ … شَمْساً مُضِيئَةً وَبُدُورَا

أَسَفِي أَن يُقَوِّضَ الرَّجُلُ البانِي … وَإِنْ ظَلَّ بَيتُهُ معْمُورَا

أَشَكَاةً مِنَ الزّمَانِ وَمنْ … يَعْهَدُهُ فِي نِهَايَةٍٍ مَشْكُورَا

أَيهَا المُنْتَحِي مِنَ الغَيْبِ دَاراً … خَلِّ دَارَ البُكَاءِ وَالقَ حُبُورا

أَعَلى الفَانِيَاتِ يُؤْسى وَقدْ … كُنتَ عَلِيماً بِهَا وَكنْتَ خَبِيرَا

إِن أَشْبَالَكَ الأَعِزَّاءَ أَيقَا … ظٌ فَنَمْ عَنْهُمُ أَمِيناً قَرِيرَا

كُلُّهُمْ عِندَ مَا تُحِبٌّ المَعَالِي … خُلُقاً نَابِهاً وَفِكْراً مُنِيرَا

يَجِدُ النُّبلَ أَن يَسُرَّ حَزِيناً … وَيَرَى الفَضْلَ أَنْ يَبَرَّ فَقِيرَا